للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان قوله جبرائيل كقوله عبد الله، وعبد الرحمن. وقيل: جبر: عبد، وإيل: الله.

وقال محمد بن إسحاق (١)، عن الزهري، عن علي بن الحسين؛ قال: (تدرون) (٢) ما اسم جبريل من أسمائكم؟ قلنا: لا؛ قال: اسمه عبد الله. قال: فتدرون ما اسم ميكائيل من أسمائكم؟ قلنا: لا؟ قال: اسمه (عبيد الله) (٣)؛ وكل اسم مرجعه إلى إيل فهو إلى الله ﷿ (٤).

قال ابن أبي حاتم: وروى عن عكرمة، ومجاهد، والضحاك، ويحيى بن يعمر نحو ذلك.

ثم قال (٥): (حدثنا) (٦) أبي، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثني عبد العزيز بن عمير؛ قال: اسم جبريل في الملائكة خادم الله، قال: فحدثت به أبا سليمان الداراني فانتفض؛ وقال: لهذا الحديث أحب إلي من كل شيء في دفتر كان بين يديه.

وفي جبريل وميكائيل لغات وقراءات تذكر في كتب اللغة والقراآت، (٧) (ولم نطول كتابنا هذا بسرد ذلك) (٧) إلا أن يدور فهم المعنى عليه، أو يرجع الحكم في ذلك إليه، وبالله الثقة وهو المستعان.

وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ فيه إيقاع المظهر مكان المضمر، حيث لم يقل: فإنه عدو؛ بل قال: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ كما قال الشاعر (٨):

لا أرى الموت يسبق الموت شيء … سبق الموت ذا الغنى والفقيرا

وقال الآخر (٩):

ليت الغراب غداة ينعب (دائبًا) (١٠) … كان الغراب (مقطع) (١١) الأوداج

وإنما أظهر الله هذا الاسم ها هنا لتقرير هذا المعنى وإظهاره، وإعلامهم أن من عادى (أولياء الله) (١٢) فقد عادى الله، ومن عادى الله فإن الله عدو له، ومن كان الله عدوه فقد خسر الدنيا والآخرة، كما تقدم في الحديث: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالمحاربة". وفي الحديث الآخر (١٣): "إني لأثار لأوليائي كما يثأر الليث الحرب"، وفي الحديث الصحيح (١٤): "من كنت


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩٧١).
(٢) في (ز) و (ن): "أتدرون".
(٣) في (ل): "عبد الله" وهو خطأ.
(٤) من (ن).
(٥) في "تفسيره" (٩٧٤) وعبد العزيز بن عمير هو الخراساني الزاهد. له ترجمة في "تاريخ دمشق" (٣٦/ ٣٣٢ - ٣٣٦) لابن عساكر.
(٦) في (ن): "حدثني".
(٧) كذا في سائر "الأصول". ووقع في (ج): "يطول كتابنا هذا بسرده".
(٨) هو أمية بن أبي الصلت، وينسب إلى سوادة بن عدي.
(٩) هو جرير. والبيت في "ديوانه" (٨٩) ولكن وقع في "الديوان": "ينعب بالنوى".
(١٠) في (ن): "دائمًا".
(١١) في (ن): "منقطع"!
(١٢) في (ن): "وليًا لله".
(١٣) أخرجه ابن أبي الدنيا وأبو نعيم من حديث أنس كما ذكره الزبيدي في "الإتحاف" (٩/ ٤٤٠) ولم أقف عليه عندهما، بهذا اللفظ، والحديث لا يثبت بهذا السياق أما حديث أنس فلا يثبت من جميع وجوهه، وقد خرجته في "تسلية الكظيم".
(١٤) وهذا جزء من حديث يرويه أبو هريرة مرفوعًا: "قال ربكم: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة؛ ومن كنت =