للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عما جاء به محمد ؛ [وهذا شبيه بقوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٨٣)﴾] (١) [غافر] (٢) (٣) ولهذا قال تعالى: ﴿بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ أي: ليس الأمر كما ادعوا؛ بل قلوبهم ملعونة مطبوع عليها؛ كما قال في سورة النساء: ﴿وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: ١٥٥].

وقد اختلفوا في معنى قوله: ﴿فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ﴾ وقوله: ﴿فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ فقال بعضهم: (قليل) (٤) من يؤمن منهم [اختاره فخر الدين الرازي، وحكاه عن قتادة، والأصم، وأبي مسلم الأصفهاني] (٣) وقيل: فقليل إيمانهم، بمعنى: أنهم يؤمنون بما (جاءهم) (٥) (به) (٦) موسى من أمر المعاد والثواب والعقاب، ولكنه (إيمان) (٧) لا ينفعهم؛ لأنه مغمور بما كفروا به من الذي جاءهم به محمد .

[وقال بعضهم: إنما كانوا غير مؤمنين بشيء؛ وإنما قال فقليلًا ما يؤمنون، وهم بالجميع كافرون؛ كما تقول العرب: قلما رأيت مثل هذا قط؛ تريد: ما رأيت مثل هذا قط.

وقال الكسائي: تقول العرب (مررنا) (٨) بأرض قلما تنبت؛ أي: لا تنبت شيئًا] (٩).

حكاه ابن جرير . والله أعلم.

﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (٨٩)﴾.

يقول تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ﴾ يعني: اليهود ﴿كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ وهو القرآن الذي أنزل على محمد ، ﴿مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ﴾ يعني: من التوراة.

وقوله: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي: وقد كانوا من قبل مجيء هذا الرسول بهذا الكتاب يستنصرون بمجيئه على أعدائهم من المشركين إذا قاتلوهم؛ يقولون: إنه سيبعث نبي في آخر الزمان نقتلكم معه قتل عاد وإرم، كما قال محمد بن إسحاق (١٠)، عن عاصم بن (عمر) (١١) بن قتادة الأنصاري، عن أشياخ منهم؛ قال: (قالوا) (١٢): فينا والله وفيهم؛ يعني: في الأنصار، وفي اليهود الذين كانوا جيرانهم نزلت هذه القصة؛ يعني: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾ قالوا: كنا قد علوناهم دهرًا في الجاهلية، ونحن أهل شرك، وهم أهل كتابًا (فكانوا) (١٣)


(١) ساقط من (ك).
(٢) ساقط من (ز) و (ض) و (ن).
(٣) ساقط من (ز) و (ض) و (ن).
(٤) في (ز) و (ض) و (ن): "فقليل".
(٥) في (ل): "جاء".
(٦) ساقط من (ج).
(٧) في (ج): "إنما".
(٨) في (ن): "من زنا"!!
(٩) ساقط من (ز) و (ض).
(١٠) ومن طريقه ابن جرير (١٥١٩) قال: حدثني ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق به: وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (١/ ٨٧) لابن المنذر وأبي نعيم والبيهقي في "الدلائل". [وسنده ضعيف].
(١١) في (ن): "عمرو"!!
(١٢) من (ز) و (ض).
(١٣) في (ن): "وهم".