للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولون: إن نبيًا سيبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم، فلما بعث الله رسوله من قريش واتبعناه كفروا به، يقول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾.

وقال الضحاك (١)، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال: (يستظهرون) (٢)؛ يقولون: نحن نعين محمدًا عليهم، وليسوا كذلك؛ بل يكذبون.

وقال محمد بن إسحاق (٣): أخبرني محمد بن أبي محمد، أخبرني عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس - أن يهودا كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور، وداود بن سلمة: يا معشر يهود، اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ، ونحن أهل شرك، (وتخبرونا) (٤) بأنه مبعوث، وتصفونه بصفته، فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم؛ فأنزل الله في ذلك من قولهم: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.

[وقال العوفي (٥)، عن ابن عباس: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾] (٦) يقول: يستنصرون بخروج محمد على مشركي العرب؛ يعني: بذلك أهل الكتاب، فلما بعث محمد ، ورأوه من غيرهم كفروا به وحسدوه.

وقال أبو العالية (٧): كانت اليهود تستنصر بمحمد على مشركي العرب؛ يقولون: اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبًا عندنا حتى نعذب المشركين ونقتلهم؛ فلما بعث الله محمدًا ، ورأوا أنه من غيرهم كفروا به حسدًا للعرب، وهم يعلمون أنه رسول الله ؛ فقال الله (تعالى) (٨): ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾.

وقال قتادة (٩): ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قال: وكانوا يقولون: إنه سيأتي نبي؛ ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ﴾.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٠٩) وسنده ضعيف.
(٢) في (ن): "يستنظرون" وصوبها في الهامش: يستنصرون.
(٣) أخرجه ابن جرير (١٥٢٠) قال: حدثنا ابن حميد، ثنا سلمة، حدثني ابن إسحاق به وابن حميد واهٍ، وسلمة ضعيف، ولم يتفردا به. فأخرجه ابن أبي حاتم (٩١١) قال: حدثنا علي بن الحسين، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا يونس بن بكير الحازمي، ثنا ابن إسحاق به وخالفهما إبراهيم بن سعد فرواه عن محمد بن إسحاق قال: بلغني عن عكرمة مولى ابن عباس وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فذكره. أخرجه أبو نعيم في "الدلائل" (٤٣) والوجه الأول هو المشهور وقد تقدم ضعفه.
(٤) في (ز) و (ن): "تخبروننا".
(٥) أخرجه ابن جرير (١٥٢٢) وسنده ضعيف.
(٦) ساقط من (ج).
(٧) أخرجه ابن جرير (١٥٢٦)؛ وابن أبي حاتم (٩١٢) من طريقين عن آدم بن أبي إياس، ثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية. [وسنده جيد].
(٨) من (ن).
(٩) أخرجه عبد الرزاق (١/ ٥٢) ومن طريقه ابن أبي حاتم (٩١٠) قال: أنبا معمر، عن قتادة؛ وأخرجه =