للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عبد الرحمن بن زيد (١) بن أسلم في قوله: ﴿غُلْفٌ﴾ قال: تقول قلبي في غلاف، فلا يخلص إليه (ما تقول) (٢). وقرأ: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ [فصلت: ٥].

وهذا (هو) (٣) الذي رجحه ابن جرير (٤)؛ واستشهد بما روى من حديث عمرو بن مرة الجملي، عن أبي البختري، عن حذيفة (٥)؛ قال: "القلوب أربعة"؛ فذكر منها: "وقلب أغلف (معصوب) (٦) عليه، وذاك قلب الكافر".

وقال ابن أبي حاتم (٧): حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي، أنبأنا أبي، عن جدي، عن قتادة، عن الحسن في قوله: ﴿قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ قال: لم تختن. وهذا القول يرجع معناه إلى ما تقدم من عدم طهارة قلوبهم، وأنها بعيدة من الخير.

قول آخر: قال الضحاك (٨)، عن ابن عباس: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ قال: (يقولون) (٩): قلوبنا (غلف) (١٠) مملوءة (علمًا) (١١) لا تحتاج إلى علم محمد ولا غيره.

وقال (عطية العوفي) (١٢): ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ أي: أوعية للعلم. وعلى هذا المعنى جاءت قراءة بعض (الأمصار) (١٣) فيها، حكاه ابن جرير (١٤) "وقالوا قلُوبنا غُلُف" (١٥) بضم اللام، (نقلها الزمخشري) (١٦) (عن أبي عمرو وحكاها القرطبي عن ابن عباس والأعرج وابن محيصن) (١٧)؛ أي: جمع غلاف؛ أي: أوعية؛ بمعنى أنهم ادعوا أن قلوبهم مملوءة بعلم لا يحتاجون معه إلى علم آخر كما كانوا (يمنُّون) (١٨) بعلم التوراة.

[وقال القرطبي (١٩): معناه: وقالوا قلوبنا أوعية للعلم، فما بالها لا تفهم قول محمد؟ والأول أولى؛ لأنه منصوص عن ابن عباس، أنهم يقولون: نحن في غنية بما عندنا من العلم] (٢٠)


(١) أخرجه ابن جرير (١٥٠٩) وسنده صحيح.
(٢) في (ن): "مما تقول شيء".
(٣) ساقط من (ن).
(٤) في "تفسيره" (٢/ ٣٢٤).
(٥) تقدم تخريجه عند الآية رقم (٢٠) من السورة.
(٦) هكذا بالعين والصاد المهملتين. ووقع في (ن): "المغضوب" بالغين والضاد المعجمتين وهو تصحيف.
(٧) في "تفسيره" (٩٠٢) وسنده ضعيف جدًّا. ومحمد بن عبد الرحمن العرزمي قال الذهبي في "الميزان" (٣/ ٦٢٧): "قال الدارقطني: متروك الحديث هو وأبوه وجده".
(٨) أخرجه ابن جرير (١٥١٣)؛ وابن أبي حاتم (٨٩٩) وسنده ضعيف.
(٩) في (ز) و (ض): "قالوا".
(١٠) ساقط من (ز).
(١١) ساقط من (ن).
(١٢) في (ن): "ابن عباس" وهو سبق قلم من الناسخ.
(١٣) في (ز) و (ن): "الأنصار"!
(١٤) أخرجه ابن جرير (١٥١٠، ١٥١١، ١٥١٢)؛ وابن أبي حاتم (٩٠٠) من طرق عن فضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي. وسنده صحيح.
(١٥) [وهي قراءة شاذة].
(١٦) ساقط من (ز) و (ض).
(١٧) ساقط من (ز) و (ض) و (ن).
(١٨) في (ن): "يفتون"!
(١٩) في "تفسيره" (٢/ ٢٥) وعبارته: "أي: قلوبنا أوعية للعلم فما بالها لا تفهم عنك وقد وعينا علمًا كثيرًا؟ وقيل: المعنى: فكيف يعزب عنها علم محمد ". اهـ.
(٢٠) ساقط من (ز) و (ض) و (ن).