للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿وَخُذُوهُمْ﴾ أي: وأسروهم إن شئتم قتلًا وإن شئتم أسرًا.

وقوله: ﴿وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ أي: لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم، بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع وتضطروهم إلى القتل أو الإسلام، ولهذا قال: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ولهذا اعتمد الصديق في قتال مانعي الزكاة على هذه الآية الكريمة وأمثالها، حيث حرمت قتالهم بشرط هذه الأفعال وهي: الدخول في الإسلام والقيام بأداء واجباته، ونبَّه بأعلاها على أدناها؛ فإن أشرف أركان الإسلام بعد الشهادتين الصلاة التي هي حق الله ﷿، وبعدها أداء الزكاة التي هي نفع متعد إلى الفقراء والمحاويج، وهي أشرف الأفعال المتعلقة بالمخلوقين، ولهذا كثيرًا ما يقرن الله بين الصلاة والزكاة.

وقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر عن رسول الله أنه قال: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة" الحديث (١).

وقال أبو إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود قال: أُمرتم بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن لم يزكِ فلا صلاة له (٢).

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أبى الله أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة وقال: يرحم الله أبا بكر ما كان أفقهه!

وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا حميد الطويل، عن أنس أن رسول الله قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا وصلوا صلاتنا؛ فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم" ورواه البخاري في صحيحه وأهل السنن إلا ابن ماجه، من حديث عبد الله بن المبارك، به (٣).

وقال الإمام أبو جعفر بن جرير: حدثنا عبد الأعلى بن واصل الأسدي، حدثنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أنس قال: قال رسول الله : "من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده وعبادته لا يشرك به شيئًا فارقها والله عنه راضٍ" قال: وقال أنس: هو دين الله الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء، وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما أنزل، قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ قال: توبتهم خلع الأوثان وعبادة ربهم وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ثم قال في آية أخرى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١١] (٤) ورواه ابن مردويه.

ورواه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة له: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا


(١) تقدم تخريجه في تفسير سورة الأنفال آية ٣٩.
(٢) سنده ضعيف لأن أبا عبيدة لم يسمع من ابن مسعود .
(٣) تقدم تخريجه من حديث عمر بن الخطاب في تفسير سورة الأنفال آية ٣٩.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف بسبب أبي جعفر الرازي فإن ما يرويه هنا ليس من نسخة الربيع عن أبي العالية عن أُبيّ.