للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ أي: ويبعدون هم عنه، فيجمعون بين الفعلين القبيحين، لا ينتفعون ولا يدعون أحدًا ينتفع.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ يردون الناس عن محمد ، أن يؤمنوا به (١).

وقال محمد بن الحنفية: كان كفار قريش لا يأتون النبي وينهون عنه (٢)، وكذا قال قتادة ومجاهد والضحاك وغير واحد (٣)، وهذا القول أظهر، والله أعلم، وهو اختيار ابن جرير.

(والقول الثاني): رواه سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عمن سمع ابن عباس يقول في قوله: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهى الناس عن النبي أن يؤذى (٤)، وكذا قال القاسم بن مخيمرة (٥)، وحبيب بن أبي ثابت، وعطاء بن دينار، وغيره، أنها نزلت في أبي طالب (٦).

وقال [سعيد بن أبي هلال] (٧): نزلت في عمومة النبي وكانوا عشرة، فكانوا أشد الناس معه في العلانية، وأشد الناس عليه في السر (٨)، رواه ابن أبي حاتم.

وقال محمد بن كعب القرظي: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ أي: ينهون الناس عن قتله (٩).

وقوله: ﴿وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ أي: يتباعدون منه ﴿وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ أي: وما يهلكون بهذا الصنيع، ولا يعود وباله إلا عليهم، وهم لا يشعرون.

﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠)﴾.

يذكر تعالى حال الكفار، إذا وقفوا يوم القيامة على النار، وشاهدوا ما فيها من السلاسل والأغلال، ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال، فعند ذلك، قالوا: ﴿يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم، وسنده مرسل.
(٣) قول مجاهد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه.
(٤) أخرجه الطبري من طريق الثوري به، وسنده ضعيف لإبهام شيخ حبيب، ويتقوى بالمراسيل التالية.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن القاسم لكنه مرسل ويتقوى بالمرسل التالي.
(٦) قول عطاء بن دينار أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي أيوب عنه، لكنه مرسل.
(٧) كذا في (مح) و (حم) وتفسير ابن أبي حاتم، وفي الأصل: "سعيد بن جبير أبي هلال".
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن سعيد بن أبي هلال وفي سنده ابن لهيعة فيه مقال ولم يصرح بالسماع، والرواية مرسلة.
(٩) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق أبي معشر السندي عن محمد بن كعب وسنده ضعيف لضعف السندي ويتقوى بالآثار السابقة.