للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن جريج، عن ابن عباس: أي: قيلهم (١) وكذا قال الضحاك (٢).

وقال عطاء الخراساني: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ﴾ بليتهم حين ابتلوا (٣) ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ وقال ابن جرير: والصواب ثم لم يكن قيلهم عند فتنتنا إياهم، اعتذارًا عما سلف منهم من الشرك بالله، ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو يحيى الرازي، عن عمرو بن أبي قيس، عن مطرف، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أتاه رجل فقال: يا ابن عباس، سمعت الله يقول: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ قال: أما قوله: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ فإنهم رأوا أنه لا يدخل الجنة، إلا أهل الصلاة، فقالوا: تعالوا فلنجحد فيجحدون، فيختم الله على أفواههم وتشهد أيديهم وأرجلهم، ولا يكتمون الله حديثًا، فهل في قلبك الآن شيء؟ إنه ليس من القرآن إلا ونزل فيه شيء ولكن لا تعلمون وجهه (٤).

وقال الضحاك، عن ابن عباس: هذه في المنافقين (٥)، وفيه نظر، فإن هذه الآية مكية، والمنافقون إنما كانوا بالمدينة، والتي نزلت في المنافقين آية المجادلة ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ﴾ [المجادلة: ١٨]، وهكذا قال في حق هؤلاء ﴿انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)﴾ كما قال: [ثُمَّ] (٦) ﴿قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (٧٤)[غافر].

وقوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾ أي: يجيئون ليستمعوا قراءتك، ولا تجزي عنهم شيئًا لأن الله ﴿جعل على قلوبهم أكنة﴾ أي: أغطية، لئلا يفقهوا القرآن ﴿وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ أي: صممًا عن السماع النافع لهم، كما قال تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٧١)[البقرة] وقوله: ﴿وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا﴾ أي: مهما رأوا من الآيات والدلالات والحجج البينات والبراهين، لا يؤمنوا بها فلا فهم عندهم ولا إنصاف، كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣)[الأنفال].

وقوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ﴾ أي: يحاجوك ويناظرونك، في الحق بالباطل، ﴿يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ أي: ما هذا الذي جئت به، إلا مأخوذًا من كتب الأوائل، ومنقولًا عنهم،

وقوله: ﴿وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ﴾ في معنى ينهون عنه قولان:

(أحدهما): أن المراد أنهم ينهون الناس عن اتباع الحق وتصديق الرسول والانقياد للقرآن،


(١) أخرجه الطبري من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس، وسنده منقطع لأن عطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه، وعثمان ضعيف.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك به، وسنده ضعيف لأن الضحاك لم يسمع من ابن عباس.
(٦) زيادة من (مح) و (حم).