للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: من بلغه القرآن، فقد أبلغه محمد (١).

وقال عبد الرزاق: عن معمر عن قتادة، في قوله تعالى: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ إن رسول الله قال: "بلغوا عن الله فمن بلغته آية من كتاب الله، فقد بلغه أمر الله" (٢).

وقال الربيع بن أنس: حق على من اتبع رسول الله ، أن يدعو كالذي دعا رسول الله ، وأن ينذر بالذي أنذر (٣).

وقوله: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ﴾ أيها المشركون ﴿أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ﴾ كقوله: ﴿فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ﴾ [الأنعام: ١٥٠] ﴿قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾

ثم قال تعالى مخبرًا عن أهل الكتاب: أنهم يعرفون هذا الذي جئتهم به، كما يعرفون أبناءهم بما عندهم من الأخبار والأنباء، عن المرسلين المتقدمين والأنبياء، فإن الرسل كلهم بشروا بوجود محمد ونعته وصفته، وبلده ومهاجره وصفة أمته، ولهذا قال بعده: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ أي: خسروا كل الخسارة ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ بهذا الأمر الجلي الظاهر الذي بشرت به الأنبياء ونوهت به في قديم الزمان وحديثه

ثم قال: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾ أي: لا أظلم ممن تقوّل على الله، فادعى أن الله أرسله، ولم يكن أرسله، ثم لا أظلم ممن كذب] (٤) بآيات الله، وحججه وبراهينه ودلالاته، ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ أي: لا يفلح هذا ولا هذا، لا المفتري ولا المكذب.

﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٥) وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٢٦)﴾.

يقول تعالى مخبرًا عن المشركين ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾ يوم القيامة، فيسألهم عن الأصنام والأنداد، التي كانوا يعبدونها من دونه، قائلًا لهم ﴿أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ كقوله تعالى في سورة القصص ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤)[القصص].

وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ﴾ أي: حجتهم وقال عطاء الخراساني عن ابن عباس أي معذرتهم (٥)، وكذا قال قتادة (٦).


(١) أخرجه الطبري من طريق أبي معشر به، ومعناه صحيح.
(٢) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأنه مرسل.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازى عن الربيع.
(٤) ما بين معقوفين سقط من الأصل واستدرك من (حم) و (مح) و (عش).
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن عطاء به، وعطاء لم يسمع من ابن عباس.
(٦) أخرجه عبد بن حميد عن يونس عن شيبان عن قتادة (فتح الباري ٨/ ٢٨٧) وسنده صحيح.