للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ … ﴾ وذلك أن اليهود قالوا: إن أبناءنا توفوا وهم لنا قربة وسيشفعون لنا ويزكوننا، فأنزل الله على محمد ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ … ﴾ الآية، رواه ابن جرير (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن مصفى، حدثنا ابن حمير، عن ابن لهيعة، عن بشير بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان اليهود يقومون صبيانهم يصلون بهم، ويقربون قربانهم ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب، وكذبوا، قال الله: إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له، وأنزل الله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ (٢). ثم قال: وروي عن مجاهد وأبي مالك والسدي وعكرمة والضحاك، نحو ذلك (٣).

وقال الضحاك: قالوا: ليس لنا ذنوب كما ليس لأبنائنا ذنوب، فأنزل الله ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾ فيهم (٤).

وقيل: نزلت في ذم التمادح والتزكية، وقد جاء في الحديث الصحيح عند مسلم عن المقداد بن الأسود قال: أمرنا رسول الله أن نحثو في وجوه المداحين التراب (٥).

وفي الحديث الآخر المخرج في الصحيحين من طريق خالد الحذاء، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه: أن رسول الله ، سمع رجلًا يثني على رجل، فقال: "ويحك قطعت عنق صاحبك"، ثم قال: "إن كان أحدكم مادحًا صاحبه لا محالة، فليقل: أحسبه كذا، ولا يزكي على الله أحدًا" (٦).

وقال الإمام أحمد: حدثنا معتمر، عن أبيه، عن نعيم بن أبي هند قال: قال عمر بن الخطاب: من قال: أنا مؤمن فهو كافر، ومن قال: هو عالم فهو جاهل، ومن قال: هو في الجنة فهو في النار (٧). ورواه ابن مردويه من طريق موسى بن عبيدة، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، عن عمر أنه قال: إن أخوف ما أخاف عليكم إعجاب المرء برأيه فمن قال إنه مؤمن فهو [كافر، ومن قال هو عالم فهو] (٨) جاهل، ومن قال إنه في الجنة فهو في النار (٩).

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة وحجاج، أنبأنا شعبة، عن سعد بن


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه بنحوه، وسنده ضعيف مسلسل بالضعفاء ويتقوى بالآثار اللاحقة.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفي سنده ابن لهيعة ولم يصرح بالسماع وتشهد له الآثار اللاحقة.
(٣) ذكرهم ابن أبي حاتم بحذف السند، وهذه الآثار أخرجها الطبري بأسانيد بعضها ثابت.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق علي بن الحكم عن الضحاك.
(٥) صحيح مسلم، الزهد والرقائق، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط (ح ٣٠٠٢).
(٦) صحيح البخاري، الشهادات، باب إذا زكى رجلًا كفاه (ح ٢٦٦٢)، وصحيح مسلم، الزهد والرقائق (ح ٣٠٠٠).
(٧) أخرجه حنبل بن إسحاق عن الإمام أحمد به (شرح السنة للالكائي ٣/ ٩٧٥ ح ١٧٧٧)، وكذا صرح الحافظ ابن كثير في مسند الفاروق (٢/ ٥٧٤).
(٨) زيادة من (حم) و (مح).
(٩) أخرجه مسدد من طريق موسى بن عبيدة به (كما في المطالب العالية ١/ ١٦٠ ح ٢١١) وفي سنده موسى بن عبيدة وهو: الربذي ضعيف كما في التقريب.