للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن حج ناويا نذره وفرضه مفردا أو قارنا أجزأ عن النذر؛ يعني أنه إذا نذر المشي لمكة مبهما أو نذر الحج ماشيا وهو صرورة في المسألتين، ثم إنه حج مفردا ونوى بحجه فرضه ونذره فإن ذلك يجزئه عن النذر وتبقى حجة الفرض في ذمته، والمفرد هو الذي يحرم بالحج، فإذا فرغ منه أحرم بعمرة، وكذا لو حج قارنا فإن نوى القارن بالحج الذي ضمن إحرامه فرضه ونذره معا أو نوى به فرضه فقط وبالعمرة نذره، فإن ذلك يجزئه عن النذر فقط وعليه قضاء حجة الفريضة، لقول الله عز وجل: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، فقوله: "أو قارنا": شامل لصورتين كما عرفت، وما ذكره المص من الإجزاء عن النذر دون الفرض هو المشهور وهو مذهب المدونة، وقيل لا يجزئ عن واحد منهما. حكاه اللخمي عن مالك. وقال المغيرة: يجزئ عن الفرض دون النذر واختاره ابن الماجشون.

وهل إن لم ينذر حجا تأويلان؟ يعني أنه اختلف هل تقيد المدونة بقول ابن المواز: هذا إذا لم ينو بنذره حجا ولا عمرة، وأما إذا كانت يمينه بحجة فحنث فمشى في حج نوى به فرضه ونذره، فهذا لا يجزئه عن واحد منهما، أو تحمل المدونة على عمومها فيجزئ ذلك عن النذر مطلقا، نذر المشي مبهما أو نذره في حج. انتهى. والتأويل الأول لابن يونس والثاني لبعض الأصحاب. واعلم أن التأويلين لا يأتيان في الصورة الثانية؛ إذ لا يمكن من حمل المدونة على الإطلاق أن يقول: إذا عين الحج في نذره وجعل العمرة في القران له يجزئه عن نذره. قاله الشيخ محمد بن الحسن.

تنبيهات: الأول: من مشى لنذره حتى بلغ ميقاته فأحرم بحجة نوى بها فرضه فإنها تجزئه لفرضه، ثم يحرم بالعمرة بعد ذلك من ميقاته ليمشي ما بقي من نذره. قاله الحطاب.

الثاني: قال الإمام الحطاب: فإن أحرم ولم يقصد نذرا ولا فرضا لم أر فيه نصا، والظاهر أنه ينصرف للحج كمن أحرم للحج ولم ينو فرضا ولا نفلا فإنه ينصرف للفرض كما صرح به سند وغيره. انتهى.

الثالث: قال البرزلي: من أحرم من الميقات بعمرة عن نذره وأحرم من مكة عن فرضه لم يجزه عن فرضه ويجزئه عن نذره وعليه دم القران. البرزلي: يريد أحرم قبل أن تكمل العمرة في الوقت الذي ترتدف، ولو كان في وقت لا ترتدف بحيث تمت عمرته جاز عنهما وكان متمتعا وعليه دم