للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميقات؛ يعني ان هذا الذي أتم ما أفسده يقضيه في الزمن القابل، فإذا شرع يقضيه فإنه يمشي في قضائه من الميقات الشرعي إن كان أحرم منه قبل الفساد، فإن كان أحرم قبله مشى من موضع إحرامه كما صرح به ابن عبد السلام، بلفظ: ينبغي ولا يلزمه مشي فيما قبل الإحرام؛ لأن الفساد لم يتسلط إلا على ما بعد الإحرام، وعليه هديان؛ هدي للفساد وآخر لتبعيض المشي في العامين لأن المشي بعد الإحرام لفساده ألغي، واعتبر المشي قبل الفساد فصار متبعضا قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله: "ومشى في قضائه من الميقات"، ظاهره عامدا أو ناسيا، وهو الموافق لما في السماع أي سماع يحيى، ونقل ابن يونس، واعترضه ابن رشد في شرح السماع المذكور، فقال: قوله إنما يمشي من ميقاته ويجزئه المشي الذي مشى من حيث حلف إلى الميقات، خلاف مذهب مالك وابن القاسم في المدونة، وما نص عليه ابن حبيب من أن من ركب من غير عجز عن المشي أعاد المشي كله إذ لا يجوز له أن يفرق مشيه إلا من ضرورة، فلو وطئ فرق مشيه من غير ضرورة، ثم قال: إلا أن يكون وطؤه ناسيا فحينئذ يمشي من الميقات؛ لأنه مغلوب على التفرقة بالوطء ناسيا. انتهى.

وإن فاته جعله في عمرة؛ يعني أنه إذا نذر المشي مبهما أو حلف بذلك وحنث ثم إنه خرج ليوفي بما ترتب في ذمته فمشى وأحرم بحج وفات الحج الذي أحرم به، فإنه يجعل مشيه في ذلك الحج في عمرة أي يتحلل من حجه بفعل عمرة، ويمشي لتمام السعي بين الصفا والمروة، فيتخلص من نذر المشي بذلك؛ لأنه لما فاته الحج وجعله في عمرة فكأنه جعله في عمرة ابتداء. وركب في قضائه؛ يعني أنه إذا فاته الحج وجعل مشيه في عمرة فإنه يقضي الحج الذي فاته في العام القابل، ويركب في قضائه أي يجوز له الركوب فيه ويهدي لفوات الحج، وقال ابن القاسم: يمشي المناسك في قضائه قابلا، وقاله سحنون، وهذا فيمن نذر المشي مبهما وجعله في حج ثم فاته كما في المدونة، وأما من نذر الحج ماشيا وتحلل منه بفعل عمرة، فإنه إذا قضاه يركب أيضا إلا في بقية المناسك وهي ما زاد على السعي بين الصفا والمروة، فإنه يمشي فيها ليخلص من نذر المشي بذلك. قاله الشيخ عبد الباقي. قال الشيخ بناني: الظاهر لزوم مشي المناسك في هذه الثانية بلا خلاف ولم أر فيها نصا. انتهى.