عشار لا يأخذ إلا قليلا بالنسبة للشخص المأخوذ منه لكونه لا يجحف، وهذا هو الذي عليه الأكثر، وللخمي أن المراد بالقليل هو القليل في نفسه، وفي الشارح عن أبي الحسن الصغير: واختلف فيمن لا يمكنه الوصول إلى الحج إلا بإخراج المال لسلطان جائر، فقال بعضهم: لا يجب عليه الحج، وقال الشيخ أبو بكر الأبهري: إن لم يمكنه إلا بإخراج المال الكثير الذي يشق ويخرج عن العادة لم يلزمه، وإن كان شيئا يسيرا فالحج واجب عليه، وقوله:"ما"، مفعول المصدر الذي هو أخذ. لا ينكث؛ يعني أنه إذا قلنا إن أخذ الظالم لليسير لا يسقط وجوب الحج، فإنما محل ذلك حيث كان الظالم لا ينكث أي لا يغدر ولا يرجع إلى الأخذ ثانيا، وأما إن كان يعود إلى الأخذ فإنه يسقط بذلك وجوب الحج، فلو علم منه النكث أو جهل حاله لم يختلف في سقوط الحج. قاله الشيخ زروق. نقله الشيخ إبراهيم. وقوله: على الأظهر، راجع لقوله:"إلا لأخذ ظالم ما قل"، ولا يرجع لقوله:"لا ينكث"؛ إذ اعتبار كونه لا ينكث متفق عليه، وعدم السقوط الذي استظهره ابن رشد هو قول الأبهري المتقدم ذكره، ومقابله سقوط الوجوب بأخذ ظالم ما قل. حكاه ابن القصار عن بعض الأصحاب. والقول بالسقوط هو اختيار ابن العربي وغيره. قاله الحطاب.
ونقل الحطاب عن صاحب السراج وهو ابن العربي أنه قال: فإن طلب منه الظالم في الطريق أو في دخول مكة مالا فقال بعض الناس لا يدخل ولا يعطيه وليرجع، والذي أراه أن يعطيه، ولا ينبغي أن يدخل في ذلك خلاف، فإن الرجل بإجماع الأمة يجوز له أن يمنع عرضه ممن يهتكه بماله، وقالوا كل ما وقى المرء به عرضه فهو صدقة، فكذلك ينبغي أن يشتري دينه ممن يمنعه إياه، ولو قال الظالم للرجل: لا أمكنك من الوضوء والصلاة إلا بجعل لوجب أن يعطيه إياه، وظاهر هذا ولو كان يجحف به، وما قدمته مما يدل على أن قول المصنف على الأظهر صحيح، نقل الحطاب عن البرزلي ما يدل عليه، ونص الحطاب: رأيت في أول مسائل الحج من البرزلي في جواب سؤال عزاه لابن رشد ذكر فيه القولين، وصدر بالقول بعدم السقوط ما نصه: والأول أولى إن سأل يسيرا وعلم عدم غدره، قياسا على عادم الماء يلزمه شراؤه إن كان يسيرا لا يجحف، وإن أجحف لم يلزمه. انتهى. قال الشيخ إبراهيم: وذكره حلولو بأتم منه.