للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أر في ذلك نصا صريحا، والذي يظهر من كلامهم أن للولي أن يحلل الصبي ولو بلغ إذا كان سفيها؛ لأنه سيأتي أن للولي أن يحلل السفيه إذا أحرم بغير إذنه، وقاله غير واحد، فيحلله من هذا الإحرام النَّفل ليحرم بفريضة الحج وهذا ظاهر، وأما إن بلغ الصبي رشيدا وانفك عنه الحجر فالظاهر أنه ليس له تحليله، وكذلك العبد إذا أحرم بغير إذن سيده ثم عتق فليس للسيد أن يحلله بعد أن عتق، ويتمادى على حجه وعليه حجة الإسلام. انتهى كلام الحطاب.

الثاني: لو أحرم الولي عن المجنون المطبق ثم أفاق بعد إحرام وليه عنه، فالظاهر أن إحرام وليه يلزمه وليس له أن يرفضه ويجدد إحراما بالفرض. قاله الحطاب.

الثالث: قال البساطي: ولا يجب على صبي ولا مجنون ولا معتوه. انتهى. قال الحطاب: إن كان مراده بالمعتوه المجنون -كما فسره به ابن رشد، فقال: المعتوه الذاهب العقل- فلا يصح منه نية ويعيد من ائتم به أبدا، فلا يصح عطفه عليه وإن كان مراده به ضعيف العقل كما هو الغالب في استعمالهم، فالظاهر أن الحج يسقط عنه. انتهى.

الرابع: قد مر أن من لم يكن مستطيعا وتكلف الحج يجزئه عن الفرض، ولا يقال: كيف يجزئ ما ليس بفرض عن الفرض؛ لأنا نقول إنه في الحقيقة لما حصل بموضع الحج والتمكن منه وجب عليه فأجزأه فعله، وظاهر نصوصهم أنه يجزئه ولو تكلفه بالكلية، وقال الحطاب: ولو قرن النفل مع الفرض فجعله البساطي بمنزلة من نوى النفل ولم أره لغيره. انتهى. قال مقيد هذا الشرح عفا الله تعالى عنه: وما قاله البساطي هو ظاهر كلام المؤلف. والله سبحانه أعلم.

ووجب باستطاعة؛ يعني أن الحج يجب على من استطاع إليه سبيلا، لقوله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، ولم يقل المصنف: واستطاعة، بالرفع عطفا على حرية لاقتضائه أنه يشترط في وقوعه فرضا الاستطاعة، كما أنها مشترطة في الوجوب وليس كذلك كما عرفت؛ إذ لو تكلفه غير المستطيع ممن هو صرورة وقع فرضا كما عرفت، قاله غير واحد، وقال الحطاب: إن الاستطاعة سبب للوجوب، قال: وإفرادها عن شروط الحج وعدم عطفها عليها وإدخال الباء الدالة على السببية عليها يدل على أن مراده ما ذكرناه، قال: وأكثر أهل المذهب يجعلون الاستطاعة من شروط الوجوب، وإذا وجدت شروط وجوب الحج فإن كان بينه