وبما قررت علم أن قوله:"وقت إحرامه"، ظرف لقوله:"حرية وتكليف"، لكن تقييدهما به إنما هو بالنسبة للوقوع فرضا لا ظرف لوقوعه ولا لوجوبه، فمن لم يكن حرا وقت الإحرام أو مكلفا لم يصح منه الفرض، ولو عتق العبد أو بلغ الصبي بعد ذلك قبل الوقوف وصح نفلا، ولا ينقلب فرضا ولا يرتفض إحرامه ولا يجزئهم إرداف إحرام عليه -قاله الشيخ عبد الباقي- وحجة الإسلام باقية عليهم.
بلا نية نفل، حال من المضاف إليه الذي هو الضمير في إحرامه؛ يعني أنه يشترط في وقوع الحج فرضا: حرية وتكليف حاصلان وقت الإحرام، حال كون المحرم خاليا من نية نفل، بأن نوى به الفرض أو الحج أو أطلق وينصرف للفرض. قاله سند. فلو نوى النفل وقع نفلا ولم يقع عن الفرض بل الفرض باق عليه خلافا للشافعي، ويكره تقديم النفل على الفرض، وكذا يكره تقديم النذر على الفرض، ولا يصدق كلام المصنف بعدم النية بالكلية لعدم توهمه بأن يترك نية الحج من أصله، وما تقدم من أنه إذا لم يكن مكلفا أو حرا وقت الإحرام الذي أذن فيه السيد أو الولي لا يصح منه الفرض ولو صار من أهل الوجوب قبل الوقوف بعرفة لخ، هو المعروف من المذهب، وقال الشافعي وابن حنبل: يجزئهما إذا كان العتق والبلوغ قبل الوقوف، وأما أبو حنيفة فوافقنا في العبد ومنع انعقاد إحرام الصبي بالكلية، وفي المدونة: ولو أحرم العبد قبل عتقه والصبي أو الجارية قبل البلوغ تمادوا على حجهم، ولم يجز لهم أن يجددوا إحراما، ولا يجزئهم عن حجة الإسلام، ولفظ الطراز: قال مالك في الصبي يحرم ثم يبلغ عشية عرفة فيجدد إحراما: إنه لا يجزئه عن حجة الإسلام، وكذلك الجارية، وقال سند في الرد على الشافعي: لأن إحرامه انعقد نفلا إجماعا وما انعقد نفلا لا ينقلب فرضا كسائر العبادات، وكلام القاضي عياض مخالف للنصوص، وقال المشدَّالي بعد أن ذكر كلام صاحب الإكمال: وهذا النقل لا يعرف لغيره. انتهى. والله أعلم. قاله الحطاب.
تنبيهات: الأول: قال الإمام الحطاب بعد ما ذكرته هنا: هذا الذي ذكرناه ظاهر إذا أحرم الصبي بإذن وليه والعبد بإذن سيده، أو أحرما بغير إذن الولي والسيد وأجازا ذلك، فإن أحرم الصبي بغير إذن وليه والعبد بغير إذن سيده ولم يعلم الولي ولا السيد حتى بلغ الصبي وعتق العبد، فلم