للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أنه إذا أفطر مع فقد الشروط المتقدمة فإنه لا كفارة عليه، وإن كان يحرم عليه الفطر. إلا أن ينويه؛ أي لا كفارة عند فقد الشروط المتقدمة إلا فيما إذا نوى الصوم. بسفر؛ أي نوى الصوم في السفر، فيكفر بفطره، تأول أم لا، وهاتان صورتان، وكذا يكفر من لم يشرع في السفر قبل الفجر مع رفع نيته ليلا حتى مضى وقتها، سواء عزم على السفر بعد الرفع المذكور أو قبله، تأول أم لا، أفطر بالفعل أو بالنية، فيكفر في هذه الثمانية أيضا، فتلك عشر.

وكذا يكفر إن بيت الصوم بحضر؛ وهو مفهوم ينويه بسفر، ثم أفطر متأولا أم لا، قبل عزمه وشروعه بعد الفجر، وكذا بعد عزمه إن أفطر غير متأول، أو تأول ولم يسافر يومه، فإن تأول وسافر يومه لم يكفر، كما أنه إن بيت الصوم في الحضر ثم سافر بالفعل بعد الفجر فأفطر فلا كفارة، تأول أم لا، حصل منه قبل ذلك عزم على السفر قبل الفجر أم لا، وصور التكفير واردة على حصر المصنف، خلافا لعبد الباقي.

وسأل سحنون ابن القاسم عن الفرق بين من بيت الصوم في الحضر ثم أفطر بعد أن سافر بعد الفجر فلا كفارة، وبين من نوى الصوم في السفر ثم أفطر، فعليه الكفارة كما قال المصنف "إلا أن ينويه بسفر"؟ فقال ابن القاسم: لأن الحاضر كان من أهل الصوم، فخرج مسافرا فصار من أهل الفطر، فسقطت عنه الكفارة، والمسافر كان مخيرا في الصوم والفطر، فلما اختار الصوم وترك الرخصة صار من أهل الصيام، فعليه ما على أهل الصيام من الكفارة. قاله عبد الباقي.

وعلم مما قررت أن الضمير المجرور بفي في الموضعين عائد على السفر، وأن الضمير المنصوب بالفعل في الموضعين عائد على الصوم، والله سبحانه أعلم.

تنبيهات: الأول: يجوز للمسافر أن يفطر ما جاز له أن يقصر، قال ابن رشد: وهذا مما لا خلاف فيه لقول الله عز وجل: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، إلا أن مالكا استحب له الصيام، وَيَكرَه له الفطر لقوله عز وجل: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، وفهم من كلام المصنف أنه يجوز الفطر للمسافر في البحر إذا كان سفرا تقصر فيه الصلاة؛ وهو كذلك لقول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، قال ابن رشد: المسافر في البر