للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والبحر سواء في جواز الفطر ووجوب القصر، لقول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، وهذا مما لا خلاف فيه أحفظه. قاله الحطاب.

الثَّانِي: قال ابن يونس: تحصيل اختلافهم -يعني في المسألة المتقدمة- على أربعة أوجه: أصبح صائما في السفر ثم أفطر، أصبح صائما في الحضر ثم سافر فأفطر، أفطر ثم سافر، عزم على السفر فأفطر ثم بدا له فلم يسافر، ففي كل وجه قولان، قيل: يكفر، وقيل: لا يكفر. نقله محمد بن الحسن بناني.

الثَّالِثُ. قال الجزولي: ويفطر في السفر الواجب والمندوب من غير خلاف، واختلف في المباح والمكروه والمحظور، والمشهورُ يجوز له في المباح ولا يجوز له في المكروه ولا في المحظور. انتهى. قاله الحطاب. وقال: رأيت بخط بعض طلبة العلم عن شارح الرسالة الزهري أن من تعمد السفر في رمضان لأجل الإفطار أنه لا يفطر ويعامل بنقيض مقصوده، وهذا ظاهر لأن سفره حينئذ لا يكون مباحا إذا لم يكن له غرض إلا الإفطار، قال: وكذلك من كان له مال يبلغة الحج فتصدق به ليسقط عنه الحج، ذكر ذلك عند قول الرسالة: وإن حاضت لأربع ركعات من النهار، وأنها لو كانت تعلم أن ذلك يوم حيضتها، وأخرت الصلاة إلى ذلك الوقت عمدا فإنه يلزمها القضاء. انتهى. وذكر الشيخ يوسف بن عمر هذه المسائل الثلاثة، إلا أنه قال: إن الحائض لا يلزمها قضاء وهي عاصية، والمتصدق يسقط عنه الحج، والمسافر لا يلزمد إلا القضاء، وزاد المقيم يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت ليسافر ويصليها صلاة قصر له ذلك، وكذلك الجزولي ذكر هذه المسائل كما ذكرها الشيخ يوسف بن عمر، ثم قال: وهذا آثم في ذلك كله، وما ذكره الشيخ يوسف بن عمر والجزولي في هذه المسائل المذكورة ذكره اللخمي في زكاة الفطر من تبصرته، إلا أنه قال: وجميع ذلك مكروه، ونصه: ومن البخاري قال أنس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة (١) ثم قال: اختلف في الحديث هل محمله على الوجوب أو على الندب، والمعروف من قول مالك وأصحابه أن محمل الحديث على الوجوب، وروي عنه في مختصر ما ليس في المختصر فيمن باع إبلا بعد الحول بذهب، فرأى أنه يزكي زكاة


(١) … ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة. البخاري، رقم الحديث: ١٤٥٠.