وفطر بسفر قصر؛ يعني أنه يجوز الفطر بسفر القصر، ومعنى ذلك أنه يجوز للمسافر سفرا تقصر فيه الصلاة أن يفطر؛ أي يأكل ويشرب، ومعنى الجواز: الإذن، إذ يكره له ذلك، وليس المراد بالفطر تبييت الفطر، وإنما المراد الفطر بالفعل كما قررت، لقوله: شرع فيه؛ أي في السفر بالفعل بأن أتى محل بدء القصر، وقد مر بيانه في فصل السفر. قبل الفجر متعلق بقوله:"شرع"؛ يعني أنه إنما يباح الفطر للمسافر حيث كان شروعه في السفر قبل الفجر؛ بأن يأتي محل بدء القصر قبل انصداع الفجر.
وبما قررت علم أن معنى الفطر في كلام المصنف هنا هو معناه الحقيقي لا تبييت الفطر، بدليل قوله:"شرع فيه قبل الفجر"، كما مر، وبدليل قوله: ولم ينوه؛ أي الصوم، فيه؛ أي السفر؛ لأن تبييت الفطر في السفر يستلزم الشروع في السفر قبل الفجر، وأنه لم ينو الصوم فيه، فيكون اشتراط ذلك من تحصيل الحاصل، ومعنى قوله:"ولم ينوه فيه"، أن الفطر إنما يباح للمسافر حيث لم ينو الصوم في السفر.
وتحصل من كلام المصنف أنه يجوز للمسافر الفطر بأربعة قيود: أَحَدُهَا أن يكون سفره سفر قصر، ثانِيهَا: أن يكون فطره بعد أن بلغ المحل الذي يقصر منه، ثَالِثُهَا: أن يكون بلوغه له قبل الفجر، رَابعُهَا: أن لا ينوي الصوم في السفر. فالقيد الأول يعم يوم السفر وما بعده كالرابع، وأما الثاني والثالث فإنهما يخصان بيوم السفر. وإلا، مركب من إن الشرطية ولا النافية؛ أي وإلا بأن فقد شرط من هذه الشروط الأربعة التي أولها قوله:"قصر"، قضى، أي لزمه أن يقضي ما أفطر، وذكر هذا وإن استفيد من قوله:"وقضى في الفرض مطلقا"، ليرتب عليه قوله: ولو تطوعا، يعني أن من بيت الصوم تطوعا في الحضر، ثم سافر أو في السفر فأفطر لغير عذر من مرض ونحوه، فإنه يجب عليه قضاء ذلك اليوم، وفي المصنف بحث؛ لأن ما قبل المبالغة لا يصدق على التطوع حتى يبالغ عليه: لكون رخصة الفطر بالسفر خاصة برمضان، وليست في واجب غيره، ولا في تطوع، ويدل على قصرها عليه أيضا المبالغة المذكورة؛ إذ لو رخص بالسفر في التطوع لم يجب قضاؤه؛ لأن القضاء في التطوع إنما يكون بالعمد الحرام، وفهم من قوله:"بسفر قصر"، أنه يفطر ولو أقام يومين أو ثلاثة ما لم ينو إقامة أربعة أيام، صرح به في النوادر، ونقله ابن عرفة. ولا كفارة؟ يعني