للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البرزلي: هذا الذي اختاره هذا الشيخ هو قول مالك في النوادر، وحمل ما ورد من النهي على من يشق عليه أو عمم صومه حتى صام ما يحرم صومه. انتهى. وقد ورد حديث أخرجه ابن حبان في صحيحه فيما أظن يفضل صوم الدهر. قاله الحطاب. وقال عبد الباقي: وصوم دهر يندب إن لم يضعفه عن عمل بر، ولم يذهب أحد إلى جوازه مستويا، وإنما الخلاف في كراهته وندبه. انتهى.

وقال محمد بن الحسن: ابن العربي: احتج على جواز صوم الدهر بالإجماع على لزومه لمن نذره ولو كان مكروها أو ممنوعا لَمَا لزم على القاعدة، القباب: وهذه حجة لا بأس بها. انتهى. وقد يقال في حجة ابن العربي إن القائل بكراهة الدهر يجيب عن لزوم نذره بما يأتي في رابع النحر. انتهى. وقال الشبراخيتي: وجاز صوم دهر، ويقال له: الأبد والجواز ليس على بابه؟ إذ صوم الدهر مستحب، وما أجاب به رسول الله صلى الله عليه وسلم السائل عن صومه، بقوله: (من صام الدهر لا صام ولا أفطر (١))، كما في البخاري، فمحمول على من صام فيه ما نهي عن صومه، أو على ذي عجز أو مضرة. ابن العربي: من فعل فعلا لله تعالى وأراد به شيئا آخر غير الرياء كصائم ليوفر نفقته لم يجز. انتهى.

وجمعة؛ يعني أن صوم يوم الجمعة جائز، ومعنى قوله: فقط، أنه يجوز أن يخص يوم الجمعة بالصوم من غير صوم يوم معه قبله أو بعده، والمراد بالجواز الندب؛ إذ ليس لنا صوم يجوز جوازا مستوي الطرفين. مالك: ما سمعت من أنكر صوم يوم الجمعة منفردا، وَقَوْلُ الداودي لم يبلغه يعني مالكا حديث: (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده (٢))، مردُودٌ بأنه من تقديم العمل على الحديث، وكذا خبر: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام ولا يومها بصيام (٣))، قاله الشبراخيتي. ونقل محمد بن الحسن بناني أن النهي عن صوم الجمعة محمول على التقية من فرضه، كما اتُّقِيَ قيام رمضان، وقد أُمِنَتْ هذه العلة بوفاته صلى الله عليه وسلم، ولذا يذكر عن ابن رشد أنه كان يصومه إلى أن مات.


(١) يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله قال: لا صام ولا أفطر. مسلم، كتاب الصيام، الحديث: ١١٦٢. وأبو داود، كتاب الصوم، الحديث: ٢٤٢٥.
(٢) البخارى، كتاب الصوم، رقم الحديث: ١٩٨٥. بلفظ: إلا يوما قبله أو بعده. ومسلم، كتاب الصيام، رقم الحديث: ١١٤٤.
(٣) مسلم، كتاب الصيام، رقم الحديث: ١١٤٤.