للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى الإقامة أن يقيمهم من حوانيتهم وأسواقهم؛ أي يصرفهم عنها ولا يدعهم يتبايعون، أما إقامة من تلزمه الجمعة؛ فليلا يشتغل عنها، وأما إقامة من لا تلزمه الجمعة؛ فليلا يشغل من تلزمه أو يستبد بالربح. فيدخل على من تلزمه الضرر، فيمنعون ولو كفارا، وأيضا من لا تلزمه الجمعة يستحب حضور، وقوله: "بوقتها"، الباء للظرفية؛ وفي نسخة "باللام"؛ وهي للتعليل، أو بمعنى: عند. وقوله: "بوقتها"، وقتها هو الأذان الثاني؛ أي أنه يستحب للإمام أو نائبه أن يقيم رجلا نائبا عنه يقيم الناس من السوق وقتها. ابن حبيب: ينبغي للإمام أن يوكل قبل النداء من ينهى الناس عن البيع والشراء، وأن يقيم من الأسواق من تلزمه، الجمعة ومن لا تلزمه وندب الإقامة للإمام لا ينافي وجوب السعي، وترك البيع على من تلزمه -كما لا يخفى- قاله الشيخ عبد الباقي. وإنما يمنع من البيع من لا تلزمه الجمعة في الأسواق، وأما في غير الأسواق فجائز للعبيد، والنساء، وأهل السجن، والمرضى أن يتبايعوا فيما بينهم. قاله ابن رشد.

وسلام خطيب لخروجه؛ يعني أنه يندب للخطيب أن يسلم عند خروجه على الناس؛ أي عند دخوله المسجد ليرقى المنبر، قال ابن عرفة: ويسلم لدخوله، وفي الشادلي: ويسلم على الناس عند دخوله، فالندب منصب على خروجه على الناس.

وأما أصل السلام فسنة. وفي الرسالة: وليرق المنبر كما يدخل أي وقت دخوله، فالكاف للمبادرة، وقوله: "لخروجه": قد علمت أن المراد بالخروج هنا: الدخول، ووجه تعبيره بالخروج مع أن المراد الدخول أنه أراد به خروجه من باب المسجد على الناس. قاله الإمام الحطاب. وأيضا في الحديث: (من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه، ومس من طيب إذا كان عنده، ثم أتى يوم الجمعة ولم يتخط أعناق الناس، ثم صلى ما كتب له، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته، كان كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها (١)). انتهى. فتأمل قوله: ثم أنصت إذا خرج إمامه.


(١) أبو داود، كتاب الطهارة، رقم الحديث: ٣٤٣. باختلاف في بعض ألفاظه.