للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذهبهم فالتجوز في الرواح؛ لأن الرواح حقيقة في الذهاب بعد الزوال، لقوله تعالى: {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}، والساعة على حقيقتها في مذهبهم، وأما على مذهبنا فالتجوز في الرواح، وفي الساعة على أن المراد بالساعة المجزأة الساعة السادسة من النهار؛ وهي التي يعقبها الزوال، ففيه مجازان، وأما على أنها السابعة فالمجاز في الساعة فقط، والرواح على حقيقته، وأُيِّدَ مجاز مذهبنا بقوله في بقية الخبر: عقب الخامسة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر؛ إذ خروجه لا يعقب الخامسة، وإلا لزم إيقاع الجمعة قبل الزوال.

ثم لا يخفى أن الخبر فيه الغسل، فلا يحصل الثواب الخاص إلا لفاعله، وإلا حصل له ثواب تهجير دون ما في الخبر من بدنة فبقرة فكبش فدجاجة فبيضة. انتهى. قوله: والتجوز في الساعة، قال الشيخ محمد بن الحسن: كذا في أبي الحسن، والذي لأبي بكر بن العربي في العارضة: قال مالك: الرواح إلى الجمعة إنما يكون بعد الزوال، إلى أن قال: والساعة عند العرب جزء من الزمان غير مقدر، فأفاد أن لا تجَوُّز في لفظ الساعة، وقوله: وأيد مجاز مذهبنا الخ، هذا التأويل لا يظهر إلا إن قلنا إن الساعة الأولى عندهم من طلوع الشمس لا من طلوع الفجر، وأما إن قلنا من طلوع الشمس فلا. انتهى. وقال الشبراخيتي: إن محل الخلاف، هل الساعة الأولى من طلوع الفجر أو الشمس؟ إنما هو فيما عدا يوم الجمعة، وأما يوم الجمعة فمن طلوع الشمس بلا خلاف. انتهى. وفي الشبراخيتي ما نصه: وفي حديث: بعد الكبش (بطة ثم دجاجة ثم بيضة (١) وفي رواية النسائي: (دجاجة ثم عصفور ثم بيضة (٢))، وإسنادهما صحيح، وعليه فتكون الساعات ستا. انتهى. والعبرة بخروج الشخص من منزلة، لا بوصوله للمسجد، فلو خرج من منزلة في الساعة الأولى، ولبعد منزلة لم يصل إلى المسجد إلا في الساعة الثانية مثلا، فله أجر الساعة الأولى. وإقامة أهل السوق مطلقا بوقتها؛ يعني أنه يندب للإمام أو نائبه أن يقيم من في السوق مطلقا؛ أي من تلزمه الجمعة، ومن لا تلزمه عند دخول وقت الجمعة.


(١) النسائي، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ١٣٨٦. مسند أحمد، ج ٢ ص ٢٥٩.
(٢) النسائي، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ١٣٨٤. ط دار الكتب العلمية.