من كفرسخ، الجزولي: أهل الجمعة ثلاثة أصناف: صنف تجب عليه وتنعقد به؛ وهم أهل المصر الذي يجب أن تقام به الجمعة، وصنف تجب عليه ولا تنعقد به؛ وهم الخارجون عنها ومحلهم داخل ثلاثة أميال، وصنف لا تجب عليه ولا تنعقد به؛ وهم الخارجون عن ثلاثة أميال أي وربع الميل أو ثلثه. قاله الشيخ الخرشي. وقد تقدم تقرير قوله: باستيطان بلد، بما يعلم به أنه لا يستغنى به عن قوله:"المتوطن"، والله سبحانه أعلم.
وبما قررت علم أن "من" في قوله: "من المنار"، لابتداء الغاية في المكان، وفي كلام المصنف رد على ابن عبد الحكم القائل: إنما تعتبر الأميال الثلاثة من خارج المصر لا من المنار، والأول أظهر، ثم شبه في لزوم الجمعة فروعا أربعة، فقال: كإن أدرك المسافرَ النداءُ قبله؛ يعني أن المسافر من وطنه إذا أدركه النداء بكسر النون؛ أي الأذان، والمراد به الأذان الثاني الذي تكون الخطبة عقبه قبل أن يجاوز فرسخا، فإنه يجب عليه الرجوع إذا علم أو ظن أنه يدرك منها ركعة فأكثر، وإلا فلا فائدة في رجوعه. قاله الشيخ إبراهيم.
وقد علمت أن هذا فيمن سافر من وطنه، وأما من أقام ببلد إقامة تقطع حكم السفر، ثم خرج منه وسمع النداء قبل مجاوزة الفرسخ؛ فإنه لا يلزمه. قاله الشيخ إبراهيم، وغيره. وكلام الناصر اللقاني خلاف ظاهر كلام أهل المذهب، والله سبحانه أعلم. قوله:"كإن أدرك المسافر النداء"، ظاهره أن الرجوع معلق بسماع الأذان؛ أي فلا يلزمه الرجوع إلا إذا سمع الأذان؛ وهو قول الباجي وسند، وعلق ابن عرفة الرجوع أي وجوبه بالزوال، سمع النداء أم لا، والضمير في قوله:"قبله"، للفرسخ من دون اعتبار مدخول الكاف؛ وهو المطابق للنقل، مع أن القياس وجوبه بالأولى من الساكن بالمحل المذكور. قاله غير واحد. وقال الشيخ الأمير: كإن أدرك المسافر النداء به؛ أي بكفرسخ.
أو صلى الظهر ثم قدم؛ يعني أن المسافر إذا صلى الظهر وحدها فذا أو في جماعة، أو صلى الظهر مع العصر كذلك، ثم إنه قدم وطنه أو غيره ناويا إقامة تقطع حكم السفر، فوجدهم لم يصلوا الجمعة فإنه تلزمه صلاة الجمعة معهم عند مالك لتبين استعجاله، وإذا لزمه إعادتها وكان قد