وقد تقدم في باب الاستخلاف أن انتظار الإمام إذا وقع له العذر في الصلاة مبطل، ومفهوم قوله:"لعذر قرب" أنه إن بعد زوال العذر لا ينتظر فيستخلف أو يستخلفون، فإن تقدم إمام من غير استخلاف أحد صحت، وأما لو وقع العذر قبل الشروع في الخطبة له أولهم فينتظر لبقاء جمعة من الاختياري عند ابن القاسم، وهو المعتمد، وصلى الظهر.
وبخطبتين؛ يعني أن صحة الجمعة مشروطة بخطبتين، ولابد أن يكونا في داخل المسجد -كما مر- ولابد أيضا أن يكونا قبل الصلاة؛ أي صلاة الجمعة، فلو خطب بعدها أعاد الصلاة فقط. قاله في المدونة. قال الشبراخيتي: وأركان الخطبة ثلاثة: كَلامٌ مسجع مشتمل على تحذير وتبشير، وَكَوْنُهَا بالعربي وإليه أشار بقوله: مما تسميه العرب خطبة، وبالعجمية لغو وتعاد بالعربي، وكَوْنُها جهرا، وسرها لغو، وتعاد، ولذا قال ابن عرفة: ظاهر المذهب أن إسرارها كعدمها، وأنكر قول ابن هارون: قالوا إن سَرَّها (١) حتى لم يسمعه أحد أجزأته، وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فصرح سند باستحبابها، وعند الشافعي أنها لا تسمى خطبة إلا بها، وأما المصنف فصرح باستحبابها، وأما ابتداؤها بالحمد فصرح ابن عرفة باستحبابه، وأما الدعاء للصحابة فبدعة مستحسنة، وأما ذكر السلاطين والدعاء لهم فبدعة، لكن بعد إحداثه واستمراره في الخطب في أقطار الأرض بحيث يخشى من عدمه على الخطيب غوائله ولا تؤمن عقوبته صار راجحا أو واجبا. قاله الشيخ إبراهيم، وغيره. وقال ابن المقوي من الشافعية: والمختار لا بأس بالدعاء للسلطان ما لم يكن فيه مجاوزة في وصفه؛ إذ يستحب الدعاء بصلاح السلاطين. قاله الحطاب.
وقال الشيخ الأمير: وندب حمد وصلاة وهي سجع، ولا تبطل بنثرها ونظمها، والدعاء للصحابة والمسلمين بالثانية حسن، وللخليفة مكروه، وحرم لجائر أمن وإلا فقد يجب، ولا يضر تقديم الثانية. وقال الشيخ محمد بن الحسن: قال بعض المحققين: الخطبة عند العرب تطلق على ما
(١) كذا في الأصل، وفي الشبراخيتي ج ١ مخطوط. وسيعيدها المؤلف بلفظ: أسرها، في ص ٦٥٩ من هذا الجزء.