للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبجماعة؛ يعني أنه يشترط في صحة الجمعة أن توقع في جامع -كما مر- وفي جماعة من شرطها أن تتقرى؛ أي تستغني وتأمن، بهم؛ أي بتلك الجماعة قرية؛ أي أهلها؛ بأن يمكنهم الثواء؛ أي الإقامة شتاء وصيفا في محلهم، والدفع عن أنفسهم في الأمور الكثيرة لا النادرة، والباء في قوله: "بهم"، للسببية، أو للاستعانة.

وأفهم قوله: "قرية"، أنه لا يشترط كونها مصرا جامعا، وهو كذلك خلافا لأبي حنيفة، وأفهم أيضا أنه لا يشترط أن يكون بها سوق؛ وهو كذلك على الصحيح، وقد روى مطرف أن الجمعة تقام في قرية ذات ثلاثين بيتا، واعتمد عياض رحمه الله هذه الرواية في قواعده؛ إذ قال فيها: أو قرية يمكن استيطانها جامعة لأربعين بيتا أو ثلاثين فأكتر تشبه المصر في صورتها، يريد -والله أعلم- أن تكون متصلة البيوت، وقد روى القاسم بن محمد هذه الرواية حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من آثار المدونة، فمن أخذ بهذه الرواية وتقلدها وأقامها في قرية ثلاثين بيتا فأكثر متصلة البيوت أجزأته -إن شاء الله-؛ وإن كانت خلاف المشهور، قاله ابن هلال بعد تقويته أنها لا تقام إلا في الأمصار والقرى العظام التي تشبه الأمصار، بعد أن نقل أن الأصل الظهر فلا ينتقل عنه إلا بيقين، وأنها لا تقام إلا على صفة مجمع عليها، وأن الخطاب يتوجه بها، وبعد أن نقل عن ابن رشد: أن الجمعة لا تجب إلا في القرية الكبيرة المتصلة البنيان التي فيها الأسواق، ومرة سكت عن اشتراط الأسواق، وأن سحنونا أنكر إقامتها ببعض القرى. اللخمي: وأخبرني بعض تلك القرية أن بها عشرة مساجد.

واعلم أن ما يكون وسطا من مرابط الغنم والبقر، وحيث يلقى زبل، وتستنبت الخضر، وحانوت الحداد وشبهه، فإن ذلك كله من حكم الاتصال، ووقع التردد في المقبرة. انتهى. وقوله: "قرية"، بالفتح تجمع على قرى بالضم على غير قياس؛ لأن ما كان على فعلة بفتح الفاء من المعتل فجمعه ممدود كركوة وركاء وظبية وظباء، وجاء القرى مخالفا لبابه لا يقاس عليه.

ولما كان حضور الجماعة المتقرى بهم لا يعتبر في كل جمعة، بل في الجمعة الأولى فقط. قال: أولا؛ يعني أن الجماعة الذين تتقرى بهم القرية لابد أن يحضروا الجمعة الأولى؛ أي لابد في