صحة الجمعة الأولى أن توقع في جماعة تتقرى بهم القرية المقامة فيها الجمعة. بلا حد؛ يعني أن الجماعة المذكورين ليسوا محدودين على المشهور. وروى ابن حبيب: إذا كانوا ثلاثين رجلا أو ما قاربهم جمعوا، وإن كانوا أقل لم تجزهم. وفي مختصر الشيخ أبي إسحاق: اشتراط خمسين رجلا في صلاة الكسوف: قال بعضهم: فيه إشارة إلى اعتبار العدد في صلاة الجمعة. وحكى ابن الصباغ عن مالك أنها: لا تقام بأقل من أربعين رجلا، وذكر غيره قولا باعتبار اثني عشر، وأفهم كلام المؤلف أن الاثني عشر لا تتقرى بهم قرية، وعلى هذا فقوله:"بلا حد"، فيما زاد على الاثنى عشر. وإلا؛ يعني أنه إذا كان المقام غير الجمعة الأولى بل الثانية فما بعدها، فإنه لا يشترط في صحتها حضور الجماعة التي تتقرى بهم القرية، بل تصح.
وتجوز؛ أي تجوز إقامتها باثني عشر من دون الإمام أحرار ذكورٍ بالغين متوطنين؛ أي ساكنين للبلد على نية التأبيد، مالكيين، أو حنفيين، كشافعيين قلدوا واحدا ممن ذكر، لا إن لم يقلدوا فلا تصح جمعة المالكي باثني عشر شافعيين لم يقلدوا؛ لأنه يشترط عندهم في صحتها أربعون يحفظون الفاتحة بشدَّاتها. فإن نقصوا لم تصح حال كون الاثني عشر. باقين لسلامها؛ أي لابد من بقائهم مع الإمام إلى أن يسلموا كلهم، فلو فسدت صلاة واحد منهم ولو بعد ما سلم الإمام بطلت على الجميع، ولابد أيضا من أن يحضر الجماعة الاثنا عشر الخطبة، فإن حضر ثالث عشر في الصلاة دون الخطبة، ثم حصل عذر لواحد من الاثني عشر الحاضرين للخطبة بطلت صلاة الجميع.
تنبيه: من أدرك ثانية الجمعة مع الإمام، ثم بعد سلامه أي الإمام تذكر -أي هذا الذي أدرك الثانية- أنه نسي منها سجدة، سجدها باتفاق ابن القاسم وأشهب، ثم كمل أربعا عند ابن القاسم، وجمعة عند أشهب مراعاة لعدم سلام المأموم. ويوافقد ما تقدم في قوله:"وتداركه إن لم يسلم"، من أن المعتبر سلام المأموم، فإنا عرفت هذا عرفت أن الشيخين متفقان على أن سلام الإمام لا يفيت التدارك، ومبنى القولين على الخلاف فيما يحصل به إدراك الجماعة.
وقد تقدم أن ابن القاسم يشترط إدراك الركعة بسجدتيها، وأن أشهب يكفي عمده إدراك الركوع. انتهى ملخصا من شرح الشيخ عبد الباقي، وحاشية الشيخ محمد بن الحسن بناني.