قوله:(أن التأويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به) أي: تفسير اللفظ بالمعنى البعيد، وترك المعنى القريب.
فإذا قالوا:«هذا النص مؤول»، فالمراد: أنه مصروف عن ظاهره إلى خلاف ظاهره، ولهذا يقول الأصوليون: إن الأدلة منها ما هو «نص» لا يحتمل إلا معنى واحداً، وهذا لا يتأتى فيه التأويل، ومنها: ما يحتمل أكثر من معنى، ومن هذه المعاني ما هو قريب، ومنها ما هو بعيد، فحمله على المعنى القريب؛ هو:«الظاهر»، وهذا هو الواجب؛ إلا إذا كان هناك دليل يوجب حمله على المعنى الآخر البعيد؛ فيكون:«مؤولاً»(١).
قوله:(وهذا هو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويلِ نصوص الصفات وتَرْكِ تأويلها، وهل ذلك محمود أومذموم؟ أو حق أو باطل؟) أي: أن الناس خاضوا في هذا، فمِن الناس من يقول:«يجب تأويل نصوص الصفات»، وهم أهل التأويل مِنَ المعطلة، ويقابل أهل التأويل من المعطلةِ: أهلُ التفويض، فكل من أهل التأويل وأهل التفويض؛ ينفون الصفات عن الله سبحانه، لكنهم يختلفون في الموقف من نصوص الصفات.
وهذا التأويل؛ كتأويل «الاستواء» ب «الاستيلاء»، و «اليد» ب «النعمة، أو القدرة»، و «الوجه» ب «الذات أو بالثواب»، وتأويل «النزول» ب «نزول الرحمة، أو نزول ملَك مِنَ الملائكة»، وتأويل قوله تعالى: ﴿وَجَاء
(١) انظر نحو ما ذُكر عن: «النص»، و «الظاهر، و «المؤول» في «روضة الناظر» ٢/ ٥٦٠ - ٥٦٣.