وإذا أمكن الجمع بين القولين؛ لم يكن هناك تناقض ولا اختلاف في الحقيقة، وغاية الأمر أن يكون من اختلاف التنوع لا من اختلاف التضادِ، وغالبُ الخلاف بين المفسرين من قبيل اختلاف التنوع.
ثم قال الشيخ مبيناً ما يحصل به الجمع بين القولين:(فإن لفظ التأويل قد صار بتعدد الاصطلاحات مستعملاً في ثلاثة معانٍ)(١)، والتعارضُ بين هذين القولين؛ يصح لو كان التأويل ليس له إلا معنى واحد، فإنه يمتنع حينئذٍ الجمع ولكن التأويل له معانٍ.
فيمكن الجمع بين قولِ الجمهور، وقولِ مجاهد ومَن معه: بحمل كلٍّ من القولين على معنى من معاني التأويل، فالذي يقول:«إن الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل المتشابه»، يريد بالتأويل معنى غير المعنى الذي يريده مَنْ يقول:«إن الراسخين في العلم يعلمون تأويله»؛ وحينئذٍ يزول التعارض.
والتوفيقُ بين القولين يحصل بمراعاة المعنى الثاني والثالث من معاني التأويل، لكن الشيخ ذكر المعاني الثلاثة.
قوله:(وهو اصطلاحُ كثيرٍ … ) أي: أن هذا اصطلاحٌ محضٌ ليس من اللغة في شيء.
(١) «الفتوى الحموية» ص ٢٩٠، و «الإكليل في المتشابه والتأويل» ص ٢٨٨، و «درء التعارض» ١/ ١٤ و ٢٠٦ و ٥/ ٢٣٤، و «تفسير سورة الإخلاص» ص ٤١٩، و «الصواعق المرسلة» ١/ ١٧٧ و ٣/ ٩٢٢.