رَبُّكَ﴾ [الفجر: ٢٢] ب «مجيء أمره»، وظاهر هذا النص - مثلاً -: أنه هو تعالى يجيء. والاحتمال المرجوح: مجيء أمره، وهم يقولون:«إن هذا التأويل لدليل»، وهي في الحقيقة شبهات داحضة مردودة، وقد بنوا عليها مذهبهم الباطل.
هذا هو التأويل بالمعنى الأول، ولكن ما حكم هذا التأويل؟
نقول: إن كان الدليل الذي بُني عليه هذا التأويل صحيحاً؛ فالتأويل صحيح؛ لأنه عمل بالدليل الصحيح، وإن كان الدليل لا يصح؛ كان التأويل الذي بني عليه باطلاً.
وأما تأويل نصوص الصفات بمعنى صرفها عن ظاهرها إلى خلاف هذا الظاهر، فإنه باطل بدون تفصيل، لأنه ليس هناك دليل، فأهل التأويل من المعطلة ليس عندهم دليل يجب المصير إليه، ما هي إلا شبهات وحجج داحضة؛ كقولهم:«معنى ﴿وَجَاء رَبُّكَ﴾ أي: أمره؛ لأن المجيء يتضمن انتقالاً، والانتقال ممتنع على الرب تعالى»، أو قولهم:«إن المجيء فعل حادث، والله منزه عن الحوادث».
ومن المعلوم أنه لا دليل على نفي الحوادث عن الله تعالى، فهذا لفظ مبتدع، وهو لفظ محتمل أيضاً، فالمقصود أنه ليس عندهم دليل صحيح لهذا التأويل، فوجب إجراء كلام الله تعالى على ظاهره.
هذا هو المعنى الأول من معاني التأويل، والشيخ ذكره لاستكمال معاني التأويل، وإلا فهذا المعنى - كما تقدم - محض اصطلاح لأهل الفقهِ وأصولِه وأهلِ الكلام، لم يأت في القرآن، ولا أصل له في اللغة العربية.