ولقاء ربّهم، وفي "الطبقات" لابن سعد: "فلما أُحيط بهم قالوا: اللهم إنا لا نَجِد من يبلغ رسولك منا السلام غيرك، فأقرئه منا السلام، فأخبره جبرائيل -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بذلك، فقال: وعليهم السلام". انتهى (١).
(أَنْ) هنا مصدريّة (قَدْ لَقِينَا) بكسر القاف، من باب تَعِبَ (رَبَّنَا) منصوب على المفعوليّة (فَرَضِيَ عَنَّا) بأعمالنا الصالحة، ومن أعظمها بعد الإيمان الاستشهاد في سبيل اللَّه تعالى (وَرَضِينَا عَنْهُ) بثوابه العظيم لنا، فقد أعدّ اللَّه تعالى لهم ما لا يُدرك وصفه بوصف البشر، فقد أخرج الشيخان عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قال اللَّه: أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرءوا إن شئتم:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}[السجدة: ١٧] ".
وأخرج البخاريّ في "صحيحه" عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"من آمن باللَّه ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقًّا على اللَّه أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل اللَّه، أو جلس في أرضه التي وُلد فيها"، قالوا: يا رسول اللَّه أفلا نبشّر الناس بذلك؟ قال:"إن في الجنة مائةَ درجة، أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم اللَّه، فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة".
وأخرج مسلم عن أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"يا أبا سعيد، من رضي باللَّه ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا، وجبت له الجنة"، فَعَجِب لها أبو سعيد، فقال: أعدها عليّ يا رسول اللَّه، ففعل، ثم قال:"وأخرى يُرْفَع بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض"، قال: وما هي يا رسول اللَّه؛ قال:"الجهاد في سبيل اللَّه، الجهاد في سبيل اللَّه"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.