للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال أبو إسحاق المروزي من الشافعية بالإسراع إذا خاف فوت تكبيرة الإحرام.

وقال ابن بطال بعد نقله عن ابن عمر أنه سمع الإقامة، فأسرع المشي: وهذا يدل على ما رُوي عنه أنه لا يسرع المشي إلى الصلاة أنه جعل معنى قوله: "وعليكم بالسكينة" على ما إذا لم يخش فوت الصلاة، وكان في سعة من وقتها، قال: وقوله: "إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة"، يَرُدّ فعلَ ابن عمر، ويُبَيِّن أن الحديث على العموم، وأن السكينة تلزم من سمع الإقامة كما تلزم من كان في سعة من الوقت. انتهى.

وأما الجمعة، فلا نعلم أحدًا قال بالإسراع لها دون غيرها من الصلوات، وأما قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩]، فإن المراد بالسعي فيه مطلق المضيّ، أو القصد.

وقال عكرمة، ومحمد بن كعب القرظيّ: السعي: العمل، وبَوَّب البخاريّ على هذا الحديث: "باب المشي إلى الجمعة"، وقول اللَّه تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] ومن قال: السعي: العمل والذهاب؛ لقول اللَّه تعالى: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء: ١٩]. انتهى.

وقال الحافظ أبو بكر بن المنذر بعد ذكر نحو ما تقدّم من الخلاف ما نَصُّهُ: يمشي المرء إذا خرج إلى الصلاة على عادته التي يمشي في سائر الأوقات، وأغفل من قال: يسعى إذا خاف فوات التكبيرة الأولى، ومن قال: جائز أن يسعى إذا خاف فوات الركوع، والخروج عن ظاهر خبر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غير جائز. انتهى (١).

وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر الخلاف أيضًا ما نَصُّهُ: معلوم أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما زجر عن السعي من خاف الفوت: "إذا أقيمت الصلاة"؛ و"إذا ثُوِّب بالصلاة"؛ وقال: "فما أدركتم فصَلُّوا"، فالواجب أن يأتي الصلاة من خاف فوتها، ومن لم يخف بالوقار والسكينة، وترك السعي، وتقريب الخطا، لأمر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، وهو -صلى اللَّه عليه وسلم- الحجة. انتهى (٢).


(١) "الأوسط" ٤/ ١٤٧.
(٢) "التمهيد" ٢٠/ ٢٣٣ - ٢٣٤، و"الاستذكار" ٤/ ٣٨.