للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يحجّون، ويَعتمرون، ويُجاهدون، ويتصدّقون، ويُنفقون حزِنُوا على عجزهم عن ذلك، وتأسّفوا على امتناعهم من مشاركتهم فيه، وشَكَوا ذلك إلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فدلّهم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على عمل إن أخذوا به أدركوا من سبقهم، ولم يُدركهم أحدٌ بعدهم، وكانوا خير من هم بين ظهرانيهم، إلا من عَمِل مثله، وهو التسبيح، والتحميد، والتكبير خلف كلّ صلاة ثلاثًا وثلاثين. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرح البخاريّ": هذا الحديث يدلّ على أن الذكر أفضل الأعمال، وأنه أفضل من الجهاد، والصدقة، والعتق، وغير ذلك، وقد رُوي هذا المعنى صريحًا عن جماعة كثيرة من الصحابة، منهم أبو الدرداء، ومعاذٌ، وغيرهما -رضي اللَّه عنهم-، ورُوي مرفوعًا من وجوه متعدّدة أيضًا.

وقال -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "جامع العلوم والحكم": وقد تكاثرت النصوص بتفضيل الذكر على الصدقة بالمال وغيره من الأعمال، كما في حديث أبي الدرداء -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تَلْقَوا عدوّكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ " قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال: "ذكر اللَّه عزَّ وجلَّ"، خرّجه الإمام أحمد، والترمذيّ (٢)، وذكره مالك في "الموطأ" موقوفًا على أبي الدرداء -رضي اللَّه عنه-.

وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من قال لا إله


= (٥٠٢٦) حدّثنا عليّ بن إبراهيم، حدثنا رَوْح، حدّثنا شعبة، عن سليمان، سمعت ذكوان، عن أبي هريرة، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل علّمه اللَّه القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يَعمَل، ورجل آتاه اللَّه مالًا، فهو يهلكه في الحقّ، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعَمِلت مثل ما يَعْمَل. انتهى.
(١) "شرح البخاريّ" لابن رجب ٧/ ٤٠٥ - ٤٠٦.
(٢) حديث صحيح، صحّحه الحاكم في "المستدرك" ١/ ٤٩٦، ووافقه الذهبيّ.