قال: إن المتعدي أفضل مطلقًا، نبّه على ذلك الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
٦ - (ومنها): ما قاله ابن بطّال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في هذه الأحاديث الحضّ على الذكر في أدبار الصلوات، وأن ذلك يوازي إنفاق المال في طاعة اللَّه تعالى؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تُدركون من سبقكم"، وسُئل الأوزاعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هل الذكر بعد الصلاة أفضل، أم تلاوة القرآن؟، فقال: ليس شيء يَعدِل القرآن، ولكن كان هدي السلف الذكر.
٧ - (ومنها): بيان أن الذكر المذكور يلي الصلاة المكتوبة، ولا يؤخَّر عنها إلى أن تصلَّى الراتبة؛ لقوله:"دُبُر كلّ صلاة".
٨ - (ومنها): بيان أن أدبار الصلوات أوقات فاضلة يُرجى فيها إجابة الدعوات، وقبول الطاعات، ويَصِل بها متعاطيها إلى الدرجات العالية، والمنازل الغالية.
٩ - (ومنها): بيان أن العالم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف يُجيب بما يَلْحَق به المفضول درجة الفاضل، ولا يُجيب بنفس الفاضل؛ لئلا يقع الخلاف، كذا قال ابن بطّال، وكأنه أخذه من كونه -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاب بقوله:"ألا أدلّكم على أمر تساوونهم فيه"، وعَدَل عن قوله: نعم هم أفضل منكم بذلك.
١٠ - (ومنها): ما قاله الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في الحديث دليلٌ على قوّة رغبة الصحابة -رضي اللَّه عنهم- في الأعمال الصالحة الموجبة للدرجات العلى، والنعيم المقيم، فكانوا يَحْزنون على العجز عن شيء مما يَقدِر عليه غيرهم من ذلك، وقد وصفهم اللَّه عزَّ وجلَّ في كتابه بذلك بقوله: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (٩٢)} [التوبة: ٩٢].
ولهذا قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا حَسَدَ إلا في اثنتين. . . " الحديث، فذكر منهما:"رجلٌ آتاه اللَّه مالًا، فهو ينفقه في وجهه، فيقول رجلٌ: لو أن لي مالًا لفعلت فيه كما فعل ذلك"(١)، فلذلك كان الفقراء إذا رأوا أصحاب الأموال