وقال طائفة، منهم الأوزاعيّ: يجوز الكلام لمصلحة الصلاة؛ لحديث ذي اليدين.
قال: وهذا في كلام العامد العالم، أما الناسي فلا تبطل صلاته بالكلام القليل عندنا، وبه قال مالك، وأحمد، والجمهور، وقال أبو حنيفة والكوفيون: تبطل. دليلنا حديث ذي اليدين، فإن كثر كلام الناس ففيه وجهان، مشهوران لأصحابنا، أصحهما: تبطل صلاته؛ لأنه نادر، وأما كلام الجاهل، إذا كان قريب عهد بالإسلام، فهو ككلام الناسي، فلا تبطل الصلاة بقليله؛ لحديث معاوية بن الحكم هذا الذي نحن فيه؛ لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يأمره بإعادة الصلاة، لكن علَّمه تحريم الكلام فيما يُستَقبل. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١). وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة التالية -إن شاء اللَّه تعالى-.
٢ - (ومنها): بيان ما كان عليه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من مكارم الأخلاق، والملاطفة في التعليم، فلا يضرب من يُعلِّمه إذا أساء، ولا يُعَنِّفه، ولا يسُبّه، ولا يُعبِّس وجهه عليه، بل يُرشده بلطف وحكمة، فكان المثل الأعلى في الخُلق العظيم، كما قال اللَّه تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤]، وكان ليّن الجانب، كما قال تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} الآية [آل عمران: ١٥٩]، فكان رحمة للعالمين، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧]، ولقد أحسن من قال، وأجاد في المقال [من الخفيف]:
فينبغي لمن كان يرجو اللَّه واليوم الآخر أن يتخلّق بأخلاقه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرفق بالجاهل، وحسن تعليمه، واللطف به، وتقريب الصواب إلى فهمه، اللهم اجعلنا متخلّقين بأخلاقه -صلى اللَّه عليه وسلم- الكريمة، ومتمسّكين بشيمه العظيمة، إنك سميع قريب مجيب الدعوات آمين.
٣ - (ومنها): تحريم التطيّر والتشاؤم بالأشياء.
٤ - (ومنها): تحريم الْكِهانة، وتحريم الإتيان إلى الكُهّان.