للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اللفظ، فهذا باطلٌ؛ لأن هذا ليس مذهب السلف، وإنما مذهبهم أنهم يعرفون المعنى اللغوي، ويُثبتون ذلك للَّه -عزَّ وجلَّ- على ما يليق بجلاله من غير تكييف، ولا تشبيه، ولا تعطيل، فتفطّن، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

قال: والثاني: تأويله بما يَلِيق به، فمن قال بهذا قال: كان المراد امتحانها، هل هي مُوَحِّدة تُقِرُّ بأن الخالق المدبر الفعال، هو اللَّه وحده، وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء، كما اذا صلى المصلي استقبل الكعبة، وليس ذلك لأنه منحصر في السماء، كما أنه ليس منحصرًا في جهة الكعبة، بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين، كما أن الكعبة قبلة المصلين.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "لأن السماء قبلة الداعين" هذا لا دليل عليه، فإن الأدلّة الصحيحة تدلّ على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا دعا استقبل القبلة، وليس فيها استقبل السماء، فقد وردت أحاديث كثيرة بهذا المعنى، سيأتي ذكرها في محالّها -إن شاء اللَّه تعالى-.

والحاصل أن الكعبة هي قبلة الصلاة، والدعاء، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد.

قال: أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان التي بين أيديهم، فلما قالت: "في السماء" عَلِمَ أنها مُوَحِّدة، وليست عابدة للأوثان.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما أبعد هذا التأويل عن معنى هذا النصّ، وما أسمجه، وأسخفه، فهل من عاقل يفهم لغة العرب إذا سمع قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أين اللَّه؟ "، وجواب الأمة بقولها: "في السماء" يفهم هذا التأويل من هذا السؤال والجواب، هيهات هيهات.

سَارَتْ مُشَرِّقَةً وَسِرْتُ مُغَرِّبَا … شَتَّانَ بَيْنَ مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّب

وبالجملة فهذا تأويلٌ ما أنزل اللَّه به من سلطان، ولا ذهب إليه المحقَّقون من أولي الهداية والعرفان، فالصواب الذي عليه المعوَّل هو المذهب الأول، وهو الذي كان عليه السلف رضي اللَّه عنهم أجمعين، وسلك بنا مسلكهم الأمين آمين آمين آمين.

وقال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبةً فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونُظّارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر اللَّه تعالى في السماء،