أَسَفًا، من باب تَعِبَ: حَزِنَ وتَلَهَّفَ، فهو أَسِفٌ، مثلُ تَعِبٍ، وأَسِفَ مثلُ غَضِبَ وزنًا ومعنًى، ويُعَدَّى بالهمزة، فيقال: آسفته، قاله الفيّوميّ (١). (كَمَا يَأْسَفُونَ) أي كما يغضبُ بنو آدم إذا أُصيب مالهم (لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً) أي لطمت تلك الجارية لطمة، يقال: صكّه صَكًّا: إذا ضرب قفاه ووجهه بيده مبسوطة.
وقوله:"لكنّي" تقدّم مثله في قوله: "لكني سكتُّ"، وأنه استدراك على محذوف، فيقدّم هنا: فلما رأيت ذلك أردت أن أسامحها، لكني لم أفعل ذلك، بل صككتها صكّةً، واللَّه تعالى أعلم.
(فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ) معطوف على محذوف، وقد صرّح به النسائيّ، أي فأخبرته، فعظّم ذلك عليّ، من التعظيم، أي جعل ما فعلته فعلًا عظيمًا منكرًا.
(قُلْتُ) وفي نسخة: "فقلت"(يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟) بهمزة الاستفهام، وكان هذا العتق لأجل كفّارة كانت عليه من نذر، أو نحوه، كما بيّنه مالك في "الموطّأ"، ولفظه:"وعليّ رقبةٌ، أفأعتقها؟ ".
ويَحْتَمِلُ أن يكون كفّارةً عن جنايته عليها بالصكّ، فكأنه لَمّا عظّم النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك عليه أراد أن يكفّره بعتق رقبة، فسأل هل تكفي تلك الجارية عن كفّارته؟.
(قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("ائْتِنِي بِهَا") وفي رواية النسائيّ: "قال: ادعها"، وإنما أمره بالإتيان بها؛ ليتبيّن كونها مؤمنةَّ يَعتقها صاحبها عن الرقبة التي عليه.
قال:(فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (لَهَا) أي لتلك الجارية ("أَيْنَ اللَّهُ؟) -عزَّ وجلَّ- (قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ) قال النوويّ: هذا الحديث من أحاديث الصفات، وفيها مذهبان:
أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه، مع اعتقاد أن اللَّه تعالى ليس كمثله شيء، وتنزيهه عن سمات المخلوقات.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: إن أراد بعدم الخوض في معناه عدم الخوض في معرفة الكيفيّة، فذاك صواب، وإن أراد عدم معرفة المعنى اللغوي من