للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الحافظ رحمه اللهُ: خَفِيَ على الجميع ما ظهر للبخاريّ من أن المراد بها آية المائدة بغير تردد؛ لرواية عمرو بن الحارث؛ إذ صَرَّح فيها بقوله: فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} الآية [المائدة: ٦].

(فَتَيَمَّمُوا) يَحْتَمِل أن يكون خبرًا عن فعل الصحابة - رضي الله عنهم -، أي فتيمم الناس بعد نزول الآية، وَيحْتَمل أن يكون حكايةً لبعض الآية، وهو الأمر في قوله: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} بيانًا لقوله: "آية التيمم"، أو بدلًا، والاحتمال الأوّل أقرب، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ) بتصغير الاسمين، و"حُضير" - بحاء مهملة، ثم ضاد معجمة، آخره راء - ابن سماك بن عَتِيك الأنصاريّ الأشهليّ، أبو يحيى الصحابيّ الجليل، مات - رضي الله عنه - سنة (٢٠) أو (٢١)، تقدّمت ترجمته مستوفاةً في "الحيض" ٣/ ٧٠٠.

(وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ) بالضمّ: جمع نَقِيب بالفتح، يقال: نَقَبَ على القوم، من باب نصر نِقَابَةً بالكسر، فهو نَقِيبٌ، أي عَرِيف، وعَريف القوم هو مدبّر أمرهم، والقائم بسياستهم (١).

(مَا هِيَ) أي هذه البركة الحاصلة للمسلمين بسبب فقد العقد، من الرخصة المشروعة بالتيمّم (بِأوَّلِ بَرَكتِكُمْ) أي بل هي مسبوقة بغيرها من البركات.

قال في "العمدة": والقرينة الحاليّة والمقاليّة تدلّان على أن قوله: "هي" يرجع إلى البركة، وإن لم يَمْضِ ذكرها، والبركة: كثرة الخير. انتهى (٢).

فـ "ما" نافية يَحتمل أن تكون حجازيّة، و"هي" اسمها، ويحتمل أن تكون تميميّة، و"هي" مبتدأ، والخبر قوله: "بأول بركتكم"، والباء زائدة في الخبر للتوكيد، كما قال في "الخلاصة":

وَبَعْدَ "مَا" وَ"لَيْسَ" جَرَّ الْبَا الْخَبَرْ … وَبَعْدَ "لَا" وَنَفْيِ "كَانَ" قَدْ يُجَرْ

وفي رواية عمرو بن الحارث: "لقد بارك الله للناس فيكم"، وفي تفسير


(١) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٦٢٠.
(٢) "عمدة القاري" ٤/ ٨.