للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عمرو بن الحارث فلفظها: "ثم إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - استَيْقَظ، وحَضَرت الصبح"، فإن أُعربت الواو حالية كان دليلًا على أن الاستيقاظ وقع حال وجود الصباح، وهو الظاهر، قاله في "الفتح" (١).

(فَأنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ) هي آية المائدة على الراجح، قال الحافظ ابن عبد البر رحمه اللهُ: معلوم عند جميع أهل المغازي أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يصل منذ افتُرِضت الصلاة عليه إلا بوضوء، ولا يَدفع ذلك إلا جاهل أو معاند، قال: وفي قوله في هذا الحديث: "آية التيمم" إشارة إلى أن الذي طرأ إليهم من العلم حينئذ حكمُ التيمم، لا حكم الوضوء، قال: والحكمةُ في نزول آية الوضوء، مع تقدم العمل به؛ ليكون فرضه مَتْلُوًّا بالتنزيل.

وقال غيره: يَحْتَمِل أن يكون أولُ آية الوضوء نزل قديمًا، فعلموا به الوضوء، ثم نزل بقيتها، وهو ذكر التيمم في هذه القصة، وإطلاق آية التيمم على هذا من تسمية الكل باسم البعض، لكن رواية عمرو بن الحارث التي أخرجها البخاريّ في "التفسير" تدل على أن الآية نزلت جميعًا في هذه القصة، فالظاهر ما قاله ابن عبد البر رحمه اللهُ.

قال الجامع عفا الله عنه: رواية عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم لفظها: "فنزلت: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: ٦] إلى قوله: {تَشْكُرُونَ}، وهي صريحة في أن الآية نزلت كاملةً في وقت واحد في تلك السفرة، والله تعالى أعلم.

وقولها: (فَأنزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ) قال ابن العربيّ رَحمه اللهُ: هذه مُعْضِلة ما وجدت لدائها من دواء؛ لأنا لا نَعْلم أيّ الآيتين عَنَت عائشة - رضي الله عنها -، قال ابن بطال رَحمه اللهُ: هي آية النساء، أو آية المائدة، وقال القرطبيّ: هي آية النساء، ووَجَّهه بأن آية المائدة تُسَمَّى آية الوضوء، وآية النساء لا ذكر فيها للوضوء، فيتَّجِه تخصيصها بآية التيمم.

وأورد الواحديّ في "أسباب النزول" هذا الحديث عند ذكر آية النساء أيضًا.


(١) "الفتح" ١/ ٥١٧.