إسحاق البُسْتيّ من طريق ابن أبي مليكة عنها: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لها:"ما كان أعظم بركة قلادتك"، وفي رواية هشام بن عروة عند البخاريّ:"فوالله ما نزل بكِ من أمر تكرهينه إلا جعل الله للمسلمين فيه خيرًا"، وفي رواية:"إلا جعل الله لك منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركةً".
[تنبيه]: إنما اختصّ أسيد بن حضير - رضي الله عنه - بهذا القول، دون غيره من الصحابة الآخرين؛ لأنه كان رأس المبعوثين في طلب ذلك العقد الذي ضاع، والله تعالى أعلم.
(يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ) لفظة "آل" مقحمة، وأراد أبا بكر نفسه، ويجوز أن يراد به أبو بكر وأهله وأتباعه. قاله في "العمدة"، والمعنى الثاني أظهر.
قال: والآل يُستعمل في الأشراف، بخلاف الأهل، فلا يقال: آل الحجّام، بل يقال: آل السلطان، ولا يَرِد قوله تعالى:{أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}[غافر: ٤٦]؛ لأنه بحسب تصوّره ذكره كذلك، أو بطريق التهكّم، ويجوز فيه (يال أبي بكر) بحذف الهمزة للتخفيف. انتهى (١).
[تنبيه]: قول أسيد بن حُضَير - رضي الله عنه -: "ما هي بأول بركتكم … إلخ" يُشْعِر بأن هذه القصة كانت بعد قصة الإفك، فيُقَوِّي قولَ من ذهب إلى تعدد ضَيَاع العقد.
وممن جزم بذلك محمد بن حبيب الأخباريّ، فقال: سقط عقد عائشة - رضي الله عنها - في غزوة ذات الرقاع، وفي غزوة بني المصطلِقِ.
وقد اختَلَف أهل المغازي في أيِّ هاتين الْغَزَاتين كانت أوَّلًا، وقال الداوديّ: كانت قصة التيمم في غَزَاة الفتح، ثم ترَدَّد في ذلك، وقد رَوَى ابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لَمّا نَزَلت آية التيمم لم أدر كيف أصنع؟ … الحديث، فهذا يدل على تأخرها عن غَزْوة بني المصطلِق؛ لأن إسلام أبي هريرة كان في السنة السابعة، وهي بعدها بلا خلاف.
قال الحافظ ما حاصله: سيأتي في "كتاب المغازي" أن البخاريّ يَرَى أن غزوة ذات الرقاع كانت بعد قدوم أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه -، وقدومه كان وقت إسلام أبي هريرة.