للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أحدث ولا خُفَّ عليه إلا غسل رجليه. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله (١).

وقال النوويّ رحمه الله: اختَلَف العلماء في أن المسح على الخفين أفضل، أم غسل الرجلين؟ فذهب أصحابنا - يعني الشافعيّة - إلى أن الغسل أفضل؛ لكونه الأصل، وذهب إليه جماعات من الصحابة، منهم: عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وأبو أيوب الأنصاريّ - رضي الله عنهم -، وذهب جماعات من التابعين إلى أن المسح أفضل، وذهب إليه الشعبيّ، والْحَكَم، وحماد، وعن أحمد روايتان: أصحهما: المسح أفضل، والثانية: هما سواء، واختاره ابن المنذر، هكذا نسب اختيار هذا القول إلى ابن المنذر، ولم يذكره في "الأوسط"، ولعله ذكره في موضع آخر، والله تعالى أعلم.

قال الجامع عفا الله عنه: الذي يترجّح عندي القول بأن الغسل أفضل، لكن بشرط أن لا يترك المسح رغبةً عن السنّة، هذا إذا كان بين أهل السنة الذي يرون المسح جائزًا، وأما إذا كان بين المبتدعة المنكرين له، فالمسح أولى؛ لأن إحياء السنّة المماتة أفضل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في كيفية المسح:

قال الحافظ أبو عمر رحمه الله: واختلف الفقهاء في كيفية المسح على الخفين، فقال مالك، والشافعيّ: يمسح ظهورهما وبطونهما، وهو قول ابن عمر، وابن شهاب، وقال مالك، والشافعيّ: إن مسح ظهورهما دون بطونهما أجزأه، إلا أن مالكًا قال: من فعل ذلك يُعيد في الوقت، قال: ومن مسح باطن الخفين دون ظاهرهما لم يُجزه، وكان عليه الإعادة في الوقت وبعده، عند مالك وجميع أصحابه إلا شيئًا رُوِي عن أشهب أنه قال: باطن الخفين وظاهرهما سواءٌ، ومن مسح باطنهما دون ظاهرهما أعاد في الوقت، كمن مسح ظهورهما سواءً، وقال عبد الله بن نافع: مَن مسح ظهورهما، ولم يمسح بطونهما أعاد في الوقت وبعده.

والمشهور من قول الشافعيّ أن من مسح ظهورهما، واقتصر على ذلك


(١) "الأوسط" ١/ ٤٣٩ - ٤٤١.