للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الخُمس، والأعمال التي تُدخل الجنة، هي أعمال الإيمان، فيكون أداء الخمس من الإيمان بهذا التقرير.

[فإن قيل]: فكيف قال في رواية حماد بن زيد، عن أبي جمرة: "آمركم بأربع: الإيمان بالله، وشهادة أن لا إله إلا الله"، وعَقَدَ واحدةً، كذا للبخاريّ في "المغازي"، وله في "فرض الخمس": وعقد بيده، فدل على أن الشهادة إحدى الأربع، وأما ما وقع عنده في "الزكاة" من هذا الوجه من زيادة الواو في قوله: "وشهادة أن لا إله إلا الله"، فهي زيادة شاذة، لم يُتَابعْ عليها حجاجَ بنَ منهال أحدٌ.

ثم ذكر (١) الاستشكال المتقدّم فقال: ما حاصله: كيف قال: "أربع"، والمذكورات خمس؟

قال: وقد أجاب عنه القاضي عياض تبعًا لابن بطال، بأن الأربع ما عدا أداء الخمس، قال: كأنه أراد إعلامهم بقواعد الإيمان، وفروض الأعيان، ثم أعلمهم بما يَلْزَمهم إخراجه إذا وقع لهم جهاد؛ لأنهم كانوا بصدد محاربة كفار مضر، ولم يقصد ذكرها بعينها؛ لأنها مسببة عن الجهاد، ولم يكن الجهاد إذ ذاك فرض عين، قال: وكذلك لم يذكر الحج؛ لأنه لم يكن فُرِضَ.

قال: وقال غيره: قوله: "وأن تعطوا" معطوف على قوله: "بأربع"، أي آمركم بأربع، وبأن تعطوا، ويدل عليه العدول عن سياق الأربع، والإتيان بـ "أن"، والفعل، مع توجه الخطاب إليهم.

وقال ابن التين: لا يمتنع الزيادة إذا حصل الوفاء بوعد الأربع.

قلت (٢): ويدل على ذلك لفظ رواية مسلم من حديث أبي سعيد الخدريّ في هذه القصة: "أمركم بأربع: اعبُدُوا الله، ولا تشركوا به شيئًا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا رمضان، وأعطوا الخمس من الغنائم".

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: ويحتمل أن يقال: إنه عَدَّ الصلاة والزكاة واحدةً؛ لأنها قرينتها في كتاب الله، وتكون الرابعة أداءَ الخُمس، أو أنه لم يَعُدَّ أداء الخُمس؛ لأنه داخل في عموم إيتاء الزكاة، والجامع بينهما أنهما إخراج مال معين، في حال دون حال.


(١) الضمير لصاحب "الفتح".
(٢) القائل صاحب "الفتح".