للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من الراوي، وكذا قاله القاضي عياض وغيره، وهو ظاهرٌ، لا شكّ فيه، قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: وكانت وفادة عبد القيس عامَ الفتح قبل خروج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة، ونزلت فريضة الحج سنة تسع بعدها على الأشهر، انتهى (١).

وقال في "الفتح" عند قوله: "فأمرهم بأربع" أي: خصالٍ، أو جُمَلٍ؛ لقولهم: "حَدِّثْنَا بِجُمَلٍ من الأمر"، وهي رواية قُرّة عند البخاريّ في "كتاب المغازي".

قال القرطبيّ: قيل: إن أول الأربع المأمور بها إقام الصلاة، وإنما ذكر الشهادتين تبركًا بهما، كما قيل في قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١]، وإلى هذا نحا الطيبيّ، فقال: عادة البلغاء أن الكلام إذا كان منصوبًا لغرض، جعلوا سياقه له، وطَرَحُوا ما عداه، وهنا لم يكن الغرض في الإيراد ذكر الشهادتين؛ لأن القوم كانوا مؤمنين، مُقِرِّين بكلمتي الشهادة، ولكن ربما كانوا يظنون أن الإيمان مقصور عليهما، كما كان الأمر في صدر الإسلام، قال: فلهذا لم يَعُدَّ الشهادتين في الأوامر.

قيل: ولا يرد على هذا الإتيانُ بحوف العطف، فيحتاج إلى تقدير.

وقال القاضي أبو بكر بن العربي: لولا وجود حرف العطف لقلنا: إن ذكر الشهادتين وَرَدَ على سبيل التصدير، لكن يُمْكِن أن يُقْرَأَ قوله: "وإقامِ الصلاة" بالخفض، فيكون عطفًا على قوله: "أَمَرَهم بالإيمان"، والتقدير: أمرهم بالإيمان، مُصَدِّرًا به، وبشرطه من الشهادتين، وأمرهم بإقام الصلاة إلخ، قال: ويؤيد هذا حذفهما في رواية البخاريّ في "الأدب" من طريق أبي التّيّاح، عن أبي جمرة، ولفظُهُ: "أربع، وأربع: أقيموا الصلاة إلخ".

[فإن قيل]: ظاهر ما ترجم به البخاريّ من أَنَّ أداء الخمس من الإيمان، يقتضي إدخاله مع باقي الخصال، في تفسير الإيمان، والتقدير المذكور يخالفه.

[أجاب ابنُ رُشيد]: بأن المطابقة تحصل من جهة أخرى، وهي أنهم سألوا عن الأعمال التي يدخلون بها الجنة، وأجيبوا بأشياء، منها أداء


(١) "شرح مسلم" للنوويّ ١/ ١٨٣ - ١٨٤.