"كتاب الزكاة": "الإيمان بالله، وشهادة أن لا إله إلا الله"، بزيادة واو أيضًا، ولم يَذكُر فيها الصيام، وذكر في باب حديث وفد عبد القيس:"الإيمان بالله، شهادة أن لا إله إلا الله".
فهذه ألفاظ هذه القطعة في "الصحيحين"، وهذه ألفاظ مما يُعَدُّ من المشكل، وليست مشكلة عند أصحاب التحقيق، والإشكال في كونه - صلى الله عليه وسلم - قال:"آمركم بأربع"، والمذكور في أكثر الروايات خمس.
واختلف العلماء في الجواب عن هذا على أقوال:
أظهرها ما قاله الإمام ابن بطال رحمه الله تعالى في "شرح صحيح البخاريّ"، قال: أمرهم بالأربع التي وَعَدَهم بها، ثم زادهم خامسة - يعني أداء الخمس - لأنهم كانوا مجاورين لكفار مضر، فكانوا أهل جهاد وغنائم.
وذكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح نحو هذا، فقال: قوله: "أمرهم بالإيمان بالله" أعاده لذكر الأربع، ووصفِهِ لها بأنها إيمان، ثم فسرها بالشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصوم، فهذا موافق لحديث:"بُنِي الإسلام على خمس"، ولتفسير الإسلام بخمس، في حديث جبريل عليه السلام، وقد سبق أن ما يُسَمَّى إسلامًا يُسَمَّى إيمانًا، وأن الإسلام والإيمان يجتمعان ويفترقان، وقد قيل: إنما لم يذكر الحج في هذا الحديث؛ لكونه لم يكن نزل فرضه.
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وأن تؤَدُّوا خُمُسًا من المغنم"، فليس عطفًا على قوله:"شهادة أن لا إله إلا الله"، فإنه يلزم منه أن يكون الأربع خمسًا، وإنما هو عطف على قوله:"بأربع"، فيكون مضافًا إلى الأربع، لا واحدًا منها، وإن كان واحدًا من مطلق شُعَب الإيمان، قال: وأما عدم ذكر الصوم في الرواية الأولى، فهو إغفال من الَراوي، وليس من الاختلاف الصادر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل من اختلاف الرُّواة الصادر من تفاوتهم في الضبط والحفظ، على ما تقدم بيانه، فافهم ذلك، وتدبّره تجده - إن شاء الله تعالى - مما هدانا الله سبحانه وتعالى لحلِّه من الْعُقَد.
قال النووي - بعد نقل كلام ابن بطّال، وابن الصلاح -: وقيل في معناه غير ما قالاه، مما ليس بظاهر، فتركناه.
قال: وأما قول ابن الصلاح: إن ترك الصوم في بعض الروايات إغفال