للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والأَولى والاختيار ما قاله أهل المدينة؛ لأن الأخبار قد تظاهرت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قالوا من رواية ابن عمر، وأبي هريرة، وأبي بكرة - رضي الله عنه -، قال: وهذا أيضًا قولُ أكثر أهل التأويل.

قال النَّحَّاس: وأُدخلت الألف واللام في المحرم دون غيره من الشهور، قال: وجاء من الشهور ثلاثة مضافات: شهر رمضان، وشهرا ربيع، يعني والباقي غير مضافات، وسُمِّي الشهر شهرًا، لشهرته وظهوره، والله تعالى أعلم (١).

(فَمُرْنَا) الفاء فصيحيّة، أي فإذا تبيّن لك عذرنا في عدم التردّد إليك كثيرًا، لما ذكرنا، فنطلب منك أمرك لنا إلخ.

"ومُر" بضمّ الميم، فعل أمر من أمر يأمر، من باب نصر، قال الفيّوميّ: إذا أمرت من هذا الفعل، ولم يتقدّمه حرف عطف حذفتَ الهمزة على غير قياس، وقلتَ: مُرْهُ بكذا، ونظيره "كُلْ"، و"خُذْ"، وإن تقدّمه حرف عطف، فالمشهور ردّ الهمزة على القياس، فيقال: وأْمُرْ بكذا، قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} الآية [طه: ١٣٢]، ولا يُعرف في "كُلْ"، و"خُذْ" إلا التخفيف مطلقًا، انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قال الفيومي: "ولا يُعْرَفُ إلخ"، لكن أثبت ذلك غيره بقلة كما أشار إليه ابن مالك رحمه الله تعالى في "لاميَّته"، فقال:

وَشَذَّ بِالْحَذْفِ "مُرْ" وَ"خُذْ" و"كُلْ " وَفَشَا … وَأْمُرْ وَمُسْتَنْدَرٌ تَتْمِيمُ "خُذْ" وَ"كُلَا"

فقوله: "ومستندر إلخ" أشار به إلى أنه يجوز تتميم "خذ" و"كل " بقلّة، فيقال: وأخذ، وأكل، والله تعالى أعلم.

(بِأَمْرٍ) بفتح الهمزة، وسكون الميم، يحتمل أن يكون واحد الأمور، وأن يكون بمعنى الشأن، قاله الطيبيّ.

وقال الفيّوميّ: "الأمرُ" بمعنى الحال، جمعه أمور، وعليه قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: ٩٧]، و"الأمرُ" بمعنى الطلب، جمعه أوامر؛ فرقًا بينهما، وجمعُ الأمر أوامر هكذا يتكلّم به الناس، ومن الأئمة من يصحّحه، ويقول في


(١) راجع: "شرح النوويّ" ١/ ١٨٢ - ١٨٣.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢١.