للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٨ - (ومنها): بيان فضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد، قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: وهو مذهبنا، ومذهب الجمهور، وقال مالك: يكره، وتأوله بعض أصحابه، ويُلحق بالمسجد في تحصيل هذه الفضيلة: الاجتماع في مدرسة، ورِباط، ونحوهما - إن شاء الله تعالى -، ويدلّ عليه إطلاقه في رواية لمسلم عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنهما - بلفظ: "لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة. . ." الحديث، فإنه مطلق يتناول جميع المواضع، ويكون التقييد في الحديث الأول خرج مخرج الغالب، لا سيما في ذلك الزمان، فلا يكون له مفهوم يُعمل به، قاله النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (١).

٩ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: فيه ما يدلّ على جواز تعليم القرآن في المساجد، أما للكبار الذين يتحفّظون بالمسجد فلا إشكال فيه، ولا يُختلف فيه، وأما الصغار الذين لا يتحفّظون بالمساجد، فلا يجوز؛ لأنه تعريض للمسجد للقذر والعبث، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "جنّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث ضعيف، فلا يصلح حجةً للمسألة، والله تعالى أعلم.

قال: وقد تمسّك بهذا الحديث من يُجيز قراءة القرآن على لسان واحد، كما يُفعل عندنا بالمغرب، وقد كره بعض علمائنا ذلك، ورأوا أنها بدعة؛ إذ لم تكن كذلك قراءة السلف، وإنما الحديث محمول على أن كل واحد يدرس


(١) "شرح مسلم" ١٧/ ٢١ - ٢٢.
(٢) هذا أخرجه المصنّف برقم (٧٥٠) من حديث واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه -؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "جَنِّبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وشراءكم، وبيعكم، وخصوماتكم، ورَفْع أصواتكم، وإقامة حدودكم، وسَلَّ سيوفكم، واتخذوا على أبوابها المطاهر، وجَمِّروها في الجُمَع"، وهو ضعيف؛ لأن في سنده الحارث بن نبهان، متروك، وشيخه ضعيف.
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنّفه" ١٧٢٦١)، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٢/ ٢٦ وقال: رواه الطبرانيّ في "الكبير"، ومكحول لم يسمع من معاذ. انتهى.
والحاصل أن الحديث ضعيف.