الْمُذَلَّق" بفتح المعجمة، وتشديد اللام؛ أي: المجرد بوزنه ومعناه، تشير إلى أنها منه على حَذَر، ويَحْتَمِل أن تكون أرادت بهذا أنه أهوج، لا يستقر على حال، كالسنان الشديدة الحدّة. (إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ)؛ أي: إن ذكرتُ عيوبه، فيبلغه طلقني، وإن سكتُّ عنها، فأنا عنده معلَّقة، لا ذات زوج، ولا أَيِّم، كما وقع في تفسير قوله تعالى {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}[النساء: ١٢٩]، فكأنها قالت: أنا عنده لا ذات بعل، فأنتفعَ به، ولا مطلقةٌ فأتفرغَ لغيره، فهي كالمعلقة بين العلو والسفل، لا تستقر بأحدهما، قال الحافظ: هكذا توارد عليه أكثر الشراح تبعًا لأبي عبيد، وفي الشق الثاني عندي نظرٌ؛ لأنه لو كان ذلك مرادها لنطقت ليطلقها، فتستريح، والذي يظهر لي أيضًا أنها أرادت وصف سوء حالها عنده، فأشارت إلى سوء خُلُقه، وعدم احتماله لكلامها إن شكت له حالها، وإنها تعلم أنها متى ذكرت له شيئًا من ذلك بادر إلى طلاقها، وهي لا تُؤثِر تطليقه؛ لمحبتها فيه، ثم عبّرت بالجملة الثانية إشارةً إلى أنها إن سكتت صابرةً على تلك الحال، كانت عنده كالمعلقة التي لا ذات زوج، ولا أيّم، ويَحْتَمِل أن يكون قولها: "أُعلق" مشتقًّا من علاقة الحبّ، أو من علاقة الوصلة؛ أي: إن نطقت طلقني، وإن سكتُّ استمرّ لي زوجةً، وأنا لا أوثر تطليقه لي، فلذلك أسكت، قال عياض: أوضحت بقولها: "على حدّ السنان الْمُذَلَّق" مرادها بقولها قبلُ: "إن أسكت أعلَّق، وإن أنطق أطلق"؛ أي: أنها إن حادت عن السنان سقطت، فهلكت، وإن استمرت عليه أهلكها.
(قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لَا حَرٌّ، وَلَا قُرٌّ، وَلَا مَخَافَةً، وَلَا سَآمَةً) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هذا مدحٌ بليغٌ؛ ومعناه: ليس فيه أذي، بل هو راحة، ولذاذة عيش، كَلَيْل تهامة لذيذٌ معتدلٌ، ليس فيه حرّ، ولا برد مفرط، ولا أخاف له غائلة؛ لِكَرَم أخلاقه، ولا يسأمني، ويملّ صحبتي. انتهى (١).
وقال في "الفتح": قولها: "لا حرّ ولا قرّ، وَلَا مَخَافَةَ، وَلَا سَآمَةَ" بالفتح بغير تنوين مبنية مع "لا" على الفتح، وجاء الرفع مع التنوين فيها، وهي رواية