للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يكتمه المرء، ويخفيه عن غيره، وبه جزم المبرّد، قال الخطابيّ (١): أرادت عيوبه الظاهرة، وأسراره الكامنة، قال: ولعله كان مستور الظاهر، رديء الباطن، وقال أبو سعيد الضرير: عَنَت أن زوجها كثير المعايب، متعقد النفس عن المكارم، وقال الأخفش: العُجَر: العُقَد تكون في سائر البدن، والبجر: تكون في القلب، وقال ابن فارس: يقال في المثل: أفضيت إليه بعُجري وبُجري؛ أي: بأمري كله (٢).

(قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ) -بفتح العين المهملة، ثم الشين المعجمة، وتشديد النون المفتوحة، وآخره قاف- قال أبو عبيد، وجماعة: هو الطويل، زاد الثعالبيّ: المذموم الطول، وقال الخليل: هو الطويل الْعُنُق، وقال ابن أبي أويس: الصقر من الرجال الْمِقْدام الجريء، وحكى ابن الأنباريّ عن ابن قتيبة أنه قال: هو القصير، ثم قال: كأنه عنده من الأضداد، قال: ولم أره لغيره. انتهى.

قال الحافظ: والذي يظهر أنه تصحّف عليه بما قال ابن أبي أويس، قاله عياض، وقد قال ابن حبيب: هو الْمِقْدام على ما يريد الشَّرِس في أموره، وقيل: السيئ الخلق، وقال الأصمعي: أرادت أنه ليس عنده أكثر من طوله بغير نفع، وقال غيره: هو المستكره الطول، وقيل: ذمّته بالطول؛ لأن الطول في الغالب دليل السَّفَه، وعُلِّل ببُعد الدماغ عن القلب، وأغرب من قال: مدحته بالطول؛ لأن العرب تتمدح بذلك، وتُعُقِّب بأن سياقها يقتضي أنها ذمّته، وأجاب عنه ابن الأنباريّ باحتمال أن تكون أرادت مَدْح خَلْقه، وذَمَّ خُلُقه، فكأنها قالت: له منظر بلا مخبر، وهو مُحْتَمِل، وقال أبو سعيد الضرير: الصحيح أن العَشَنَّق الطويل النجيب الذي يملك أمر نفسه، ولا تحكم النساء فيه، بل يحكم فيهنّ بما شاء، فزوجته تهابه أن تنطق بحضرته، فهي تسكت على مَضَض، قال الزمخشريّ: وهي من الشكاية البليغة. انتهى، ويؤيده ما وقع في رواية يعقوب بن السكيت من الزيادة في آخره: "وهو على حدّ السِّنان


(١) "الأعلام" ٣/ ١٩٨٨.
(٢) "الفتح" ١١/ ٥٦٤ - ٥٦٦، كتاب "النكاح" رقم (٥١٨٩).