للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أبي عبيد، قال أبو البقاء (١): وكأنه أشبع بالمعنى؛ أي: ليس في حرّ، فهو اسم "ليس" وخبرها محذوف، قال: ويقويه ما وقع من التكرير، كذا قال، وقد وقع في القراءات المشهورة البناء على الفتح في الجميع، والرفع مع التنوين، وفتح البعض، ورفع البعض، وذلك في مثل قوله تعالى: {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} [البقرة: ٢٥٤]، ومثل: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٧]، ووقع في رواية عُمر بن عبد الله، عند النسائيّ: "ولا بَرْد" بدل و"لا قر"، زاد في رواية الهيثم: "ولا خامة" بالخاء المعجمة؛ أي: لا ثقل عنده، تصف زوجها بذلك، وأنه ليِّن الجانب، خفيف الوطأة على الصاحب، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك من بقية صفة الليل.

وفي رواية الزبير بن بكار: "والغيث غيث غمامة"، قال أبو عبيد (٢): أرادت أنه لا شرّ فيه يُخاف. وقال ابن الأنباريّ: أرادت بقولها: "ولا مخافة"؛ أي: أن أهل تهامة لا يخافون؛ لتحصّنهم بجبالها، أو أرادت وصف زوجها بأنه حامي الذمار، مانع لداره وجاره، ولا مخافة عند من يأوي إليه، ثم وصفته بالجود، وقاله غيره: قد ضربوا المثل بليل تهامة في الطِّيب؛ لأنها بلاد حارة في غالب الزمان، وليس فيها رياح باردة، فإذا كان الليل كان وهج الحرّ ساكنًا، فيطيب الليل لأهلها بالنسبة لِمَا كانوا فيه من أذى حر النهار، فوصفت زوجها بجميل العشرة، واعتدال الحال، وسلامة الباطن، فكأنها قالت: لا أذى عنده، ولا مكروه، وأنا آمنة منه، فلا أخاف من شره، ولا ملل عنده، فيسأم من عشرتي، أو ليس بسيئ الخُلُق، فأسأم من عشرته، فأنا لذيذة العيش عنده، كلذة أهل تهامة بليلهم المعتدل.

(قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ) قال أبو عبيد (٣): "فَهِدَ" بفتح الفاء، وكسر الهاء: مشتق من الفهد، وصَفَتْه بالغفلة عند دخول البيت على وجه المدح له، وقال ابن حبيب: شبّهته في لِينه وغفلته بالفهد؛ لأنه يوصف بالحياء، وقلة الشرّ، وكثرة النوم. (وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ) بفتح الهمزة، وكسر السين


(١) "إعراب الحديث النبويّ" ص ٣٣٤ - ٣٣٥ رقم (٤٠٢) مسند عائشة -رضي الله عنها-.
(٢) "غريب الحديث" ٢/ ٢٩٢.
(٣) "غريب الحديث" ٢/ ٢٩٥.