للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(قَالَتِ) المرأة (الثَّانِيَةُ) من الإحدى عشرة: (زَوْجِي) مبتدأ خبره قولها: (لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ) بالموحّدة، ثم المثلثة، وفي رواية حكاها عياض: "أَنُثّ" بالنون بدل الموحّدة؛ أي: لا أُظهر حديثه، وعلى رواية النون فمرادها حديثه الذي لا خير فيه؛ لأنَّ النّثّ بالنون أكثر ما يُستعمل في الشرّ، ووقع في رواية للطبرانيّ: "لا أَنُمّ" بنون، وميم، من النميمة. (إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ)؛ أي: أخاف أن لا أترك من خبره شيئًا، فالضمير للخبر؛ أي: أنه لطوله، وكثرته، إن بَدَأْتُه لَمْ أقدر على تكميله، فاكتفت بالإشارة إلى معايبه؛ خشيةَ أن يطول الخطب بإيراد جميعها، ووقع في رواية عباد بن منصور، عند النسائيّ: "أخشى أن لا أذره من سوء"، وهذا تفسير ابن السكيت، ويؤيده أن في رواية عقبة بن خالد: "إني أخاف أن لا أذره، أذكره، وأذكر عُجَره، وبُجَره"، وقال غيره: الضمير لزوجها، وعليه يعود ضمير "عُجَره، وبُجَره" بلا شكّ، كأنها خشيت إذا ذكرت ما فيه أن يبلغه، فيفارقها، فكأنها قالت: أخاف أن لا أقدر على تركه؛ لعلاقتي به، وأولادي منه، وأذره؛ بمعنى: أفارقه، فاكتفت بالإشارة إلى أنه له معايب؛ وفاءً بما التزمته من الصدق، وسكتت عن تفسيرها للمعنى الذي اعتذرت به، ووقع في رواية الزبير: "زوجي من لا أذكره، ولا أبث خبره"، والأول أليق بالسجع.

(إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ) -بضم أوله، وفتح الجيم فيهما-: الأول بعين مهملة، والثاني بموحّدة، جمع عُجْرة، وبُجْرة -بضم، ثم سكون- فالعجر؛ تعقّد العصب، والعروق في الجسد، حتى تصير ناتئة، والبجر مثلها، إلا أنها مختصة بالتي تكون في البطن، قاله الأصمعيّ وغيره، وقال ابن الأعرابيّ: العُجْرة: نفخة في الظهر، والْبُجْرة: نفخة في السُّرَّة، وقال ابن أبي أويس: العجر: العُقَد التي تكون في البطن، واللسان، والبجر: العيوب، وقيل: العجر في الجَنْب، والبطن، والبجر: في السرّة، هذا أصلهما، ثم استُعملا في الهموم والأحزان، ومنه قول عليّ -رضي الله عنه- يوم الجمل: أشكو إلى الله عُجَري وبُجَري، وقال الأصمعيّ: استُعملا في المعايب، وبه جزم ابن حبيب، وأبو عبيد الهرويّ، وقال أبو عبيد بن سلام (١)، ثم ابن السكيت: استُعملا فيما


(١) "غريب الحديث" ٢/ ٢٩٠.