على كونه نائمًا في القصة كلها، هكذا حقّق القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -.
قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - بعد نقل كلام عياض هذا: وهذا الذي قاله في رواية شريك، وأن أهل العلم أنكروها قد قاله غيره، وقد ذكر البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - رواية شريك هذه، عن أنس، في "كتاب التوحيد" من "صحيحه"، وأتى بالحديث مُطَوَّلًا.
قال الحافظ عبد الحقّ - رَحِمَهُ اللهُ - في كتابه "الجمع بين الصحيحين" بعد ذكر هذه الرواية: هذا الحديث بهذا اللفظ، من رواية شريك بن أبي نَمِر، عن أنس، وقد زاد فيه زيادة مجهولة، وأَتَى فيه بألفاظ غير معروفة، وقد رَوَى حديث الإسراء جماعة من الحفاظ المتقنين، والأئمة المشهورين، كابن شهاب، وثابت البنانيّ، وقتادة، يعني: عن أنس، فلم يأتِ أحدٌ منهم بما أتى به شريك، وشريك ليمس بالحافظ عند أهل الحديث، قال: والأحاديث التي تقدمت قبل هذا هي المعوَّل عليها. انتهى كلام الحافظ عبد الحق - رَحِمَهُ اللهُ - (١).
وقال في "الفتح": وقد اختُلِف في وقت المعراج، فقيل: كان قبل المبعث، وهو شاذّ إلا إن حُمِل على أنه وقع حينئذ في المنام، وذهب الأكثر إلى أنه كان بعد المبعث، ثم اختلفوا، فقيل: قبل الهجرة بسنة، قاله ابن سعد وغيره، وبه جزم النوويّ، وبالغ ابن حزم، فنَقَل الإجماع فيه، وهو مردود، فإن في ذلك اختلافًا كثيرًا، يزيد على عشرة أقوال، منها ما حكاه ابن الجوزيّ أنه كان قبلها بثمانية أشهر، وقيل: بستة أشهر، وحكى هذا الثاني أبو الربيع بن سالم، وحَكَى ابن حزم مقتضى الذي قبله؛ لأنه قال: كان في رجب سنة اثنتي عشرة من النبوة، وقيل: بأحد عشر شهرًا، جزم به إبراهيم الحربيّ، حيث قال: كان في ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة، ورَجَّحه ابن المنير في "شرح السيرة" لابن عبد البر، وقيل: قبل الهجرة بسنة وشهرين، حكاه ابن عبد البر، وقيل: قبلها بسنة وثلاثة أشهر، حكاه ابن فارس، وقيل: بسنة وخمسة أشهر، قاله السديّ، وأخرجه من طريقه الطبريّ، والبيهقيّ، فعلى هذا كان في شوال، أو في رمضان، على إلغاء الكسرين منه ومن ربيع الأول، وبه جزم الواقديّ،