"وأنا أقول هذه الأمة، وكان يقال … إلخ" قال الحافظ: وليست هذه اللفظة في شيء من نُسخ "صحيح البخاري"، ولا ذكرها عبد الحق في "جمعه"، ولا الحميديّ، ولا من أخرج حديث عوف، من أصحاب الكتب، والمسانيد، وقد تقلّده عياض، فذكره كما ذكره ابن بطال، وتبعه في "شرحه"، فقال: خشي ابن سيرين أن يتاول أحد معنى قوله: "وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثًا"، أنه إذا تقارب الزمان لَمْ يصدق إلَّا رؤيا الرجل المصالح، فقال: وأنا أقول هذه الأمة -يعني: رؤيا هذه الأمة- صادقة كلها، صالحها وفاجرها؛ ليكون صدق رؤياهم زاجرًا لهم، وحجةً عليهم؛ لدروس أعلام الدين، وطموس آثاره بموت العلماء، وظهور المنكر. انتهى.
قال الحافظ: وهذا مرتَّب على ثبوت هذه الزيادة، وهي لفظة:"الأمة"، ولم أجدها في شيء من الأصول، وقد قال أبو عوانة الإسفرائينيّ بعد أن أخرجه موصولًا مرفوعًا، من طريق هشام، عن ابن سيرين: هذا لا يصحّ مرفوعًا عن ابن سيرين، قلت: وإلى ذلك أشار البخاريّ في آخره بقوله: "وحديث عوف أبْيَن"؛ أي: حيث فَصَل المرفوع من الموقوف.
قوله: قال: وكان يقال: "الرؤيا ثلاث … إلخ" قائل "قال" هو محمد بن سيرين، وأبهم القائل في هذه الرواية، وهو أبو هريرة، وقد رفعه بعض الرواة، ووقفه بعضهم، وقد أخرجه أحمد عن هَوْذة بن خليفة، عن عوف، بسنده مرفوعًا:"الرؤيا ثلاث … " الحديث مثله، وأخرجه الترمذيّ، والنسائيّ من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: "الرؤيا ثلاث: فرؤيا حقّ، ورؤيا يُحَدِّث بها الرجل نفسه، ورؤيا تحزين من الشيطان"، وأخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذيّ من طريق عبد الوهاب الثقفيّ، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، مرفوعًا أيضًا بلفظ:"الرؤيا ثلاث: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله"، والباقي نحوه.
قوله:"حديث النفس، وتخويف الشيطان، وبشرى من الله"، وقع في حديث عوف بن مالك عند ابن ماجه بسند حسن، رفعه:"الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان؛ ليحزن ابن آدم، ومنها ما يَهُمّ به الرجل في يقظته، فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة".