سيرين، بلفظ:"إذا تقارب الزمان"، وفي حديث آخر عن أبي هريرة:"يتقارب الزمان، ويُرفع العلم … " الحديث، والمراد به اقتراب الساعة قطعًا.
وقال الداوديّ: المراد بتقارب الزمان: نَقص الساعات والأيام والليالي. انتهي، ومراده بالنقص سرعة مرورها، وذلك قرب قيام الساعة، كما ثبت في الحديث الآخر عند مسلم وغيره:"يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق السَّعَفَة"، وقيل: إن المراد بالزمان المذكور: زمان المهديّ عند بسط العدل، وكثرة الأمن، وبسط الخير والرزق، فإن ذلك الزمان يُستقصَر لاستلذاذه، فتتقارب أطرافه.
وأما قوله:"لَمْ تكد … إلخ " فيه إشارة إلى غلبة الصدق على الرؤيا، وإن أمكن أن شيئًا منها لا يصدق، والراجح أن المراد: نفي الكذب عنها أصلًا؛ لأن حرف النفي الداخل على كاد ينفي قرب حصوله، والنافي لقرب حصول الشيء أدلّ على نفيه نفسه، ذكره الطيبيّ.
وقوله:"ورؤيا المؤمن جزء" الحديث هو معطوف على جملة الحديث الذي قبله، وهو:"إذا اقترب الزمان" الحديث، فهو مرفوع أيضًا، وقد تقدم شرحه مستوفى قريبًا.
وقوله:"وما كان من النبوة فإنه لا يكذب" هذا القدر لَمْ يتقدم في شيء من طرق الحديث المذكور، وظاهر إيراده هنا أنه مرفوع، ولئن كان كذلك فإنه أَولى ما فُسّر به المراد من النبوة في الحديث، وهو صفة الصدق، قال الحافظ: ثم ظهر لي أن قوله بعد هذا: "قال محمد: وأنا أقول هذه": الإشارة في قوله: "هذه" للجملة المذكورة، وهذا هو السرّ في إعادة قوله:"قال" بعد قوله: "هذا"، ثم رأيت في "بُغية النقاد" لابن المواق أن عبد الحق أغفل التنبيه على أنَّ هذه الزيادة مدرجة، وأنه لا شك في إدراجها، فعلى هذا فهي من قول ابن سيرين، وليست مرفوعة.
قوله:"وأنا أقول هذه" كذا لأبي ذرّ وفي جميع الطرق، وكذا ذكره الإسماعيليّ، وأبو نعيم، في "مستخرجيهما"، ووقع في "شرح ابن بطال"(١):